يحتدم النقاش اليوم من جديد حول مشكلة الإيمان والعقل، وما تفرزه هذه الثنائية من معضلات لا حسر لها، من بين أهم هذه المعضلات نجد معضلة الشر والعنف في التفسيرات الإيمانية لجميع الأديان وعدم توافقها مع العقل، إذ يعود كل المؤمنون في جميع الديانات الى القول بأن الشر هو اختبار إلهي لصبر المؤمن وقوة إيمانه، وأن الشر في العالم لا يعني أن الله شرير أو غير متوافق مع نفسه بل يعني أنه يشرع للحرية البشرية في الاختيار.
دعونا ننظر اليوم إلى مشكلة الشر وسبب وجوده في العالم بعيدا عن الدين، ولنأخذ المسألة من زاوية فلسفية بحثة، فبالرجوع للفسلفة نجد أن هذا الجدال كان طوال التاريخ جدالا حول معني وجود الشر وغايته بمنطلقات عقلية، على عكس الدين الذي كان يجادل عن سبب وجود الشر وأساسه ، الذي هو الشيطان بالدرجة الأولى ثم الإرادة الإنسانية السلبية بالدرجة الثانية ، فسيجادل الفلاسفة بأن الشر ضروري للنمو الأخلاقي والتطور. على سبيل المثال ، يعتقد فريدريك نيتشه أن المعاناة والمصاعب ضرورية للأفراد ليصبحوا أقوى وأكثر مرونة وأن من يبدوا شريرا في الواقع ليس بشرير بل قوي يمارس قوته على عكس من نعتقد بأن خير هو مجرد صعيف لا يقوى على مواجهة العالم، وعلى هذا الأساس يصبح العكس هو الصحيح فيكون الشرير في منظور العرف هو الخير في منظور نيتشه... بالمثل ، يرى أرسطو بأن الفضيلة لا يمكن أن تتطور إلا من خلال تجربة المصاعب والصعوبات.
سيرى أخرون بأن الشر هو تثبيت لمبدأ الاخيتار وحرية الارادة فالشر هو نتيجة استخدام البشر لإرادتهم الحرة لاختيار فعل ما نراه شرا على افعل اخر نراه خير... كما ان المنطقيين سيرون أن الشر ضرورة لمعرفة الخير بما أن الأشياء تُعرف بمناقضاتها فلا يمكن ان نعرف الرحمة والتعاطف مثلا دون معرفة الظلم والقسوة..الخ .
في اعتقادك ما هو أقرب تفسير لوجود الشر في العالم طبعا من زاوية غير دينية؟ هل الشر ضروري لمعرفة الخير بالفعل؟ هل يمكن أن تتغلب البشرية على الشر بالعلم في رأيك؟
التعليقات