من أعظم منارات التراث الإنساني، كتاب سينكا" الإحسان" ، الذي قررت أن أجعله كتابا للقراءات العديدة، لأنه من الكتب القليلة التي لا يمكن أن تكفيك منه قراءة واحدة على بساطته،  ومكمن السحر فيه أنه كتاب سهل ؛عميق ؛ كوني؛ صالح لكل زمان، ولكن السؤال الذي كان يراودني قبل قراءته هو: لماذا الإحسان؟ أليست كلمة الإحسان ذات صبغة إسلامية؟  إذن ماذا يمكن أن يقصد فيلسوف روماني في القرن الرابع قبل الميلاد بكلمة إحسان؟

ولأكون صريحة معكم لم يكن سر تعلقي بالكتاب حول هذا بقدر ما كان في رأسي سؤال وسواسي آخر، وهو ما علاقة الفلسفة بالإحسان، هذا إذا افترضنا أن الإحسان مدلول ديني؟

تأتي إجابة سينكا في الحين دون أي تردد: أن الفلسفة هي فن الإحسان، وهي من تعلمنا أن نبذل الإحسان في كل شيء، الإحسان ببساطة سينكا هو فعل يبنى على النية الحسنة وهو يدخل السرور ويؤدي إليه، أي أنه فعل خير غير مشروط، ولا يهتم سوى بحسن النية التي يتأسس عليها العمل، وهكذا تصبح النية هي القيمة الأخلاقية الأعلى في أي فعل بصرف النظر عن النتائج .

أين هي الفلسفة في الأمر يا هذه؟ كيف تكون الفلسفة فن للإحسان؟

الفلسفة هي تدريب على التفكير في أفق أنساني أكثر تسامحا وتفتحا ومحبة وهذه قمة النوايا الحسنة وبالتالي الإحسان، ومع كل محاولة للتفكير بحسن نية نحن نخلق عوالم واحتمالات أكثر للعيش بإحسان.

في رأيك هل تكفي النية والفعل الحسن غير المشروط فعلا في وقوع الخير؟ ماذا عن النوايا السيئة التي تتنج نتائج جيدة غير متوقعة، هل تحسب من الشرور؟