أسئلتي الفلسفية لهذا اليوم :
لماذا يشعر الإنسان أنه أهم كائن في الوجود من بين جميع الكائنات ؟ و لماذا يظن أن كل ما خلقه الخالق من أحياء و جمادات مسخر لخدمته فقط ؟ لماذا لا يكون الإنسان هو المسخر لخدمة غيره من الكائنات الحية و غير الحية ؟
صباح الخير ،
الصراحة لا أرى ما تقول، لا اعتقد ابداً أنني كبشرية محور الكون، على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون لكي نعمره، ونحن مكلفين، أي أننا بالفعل محور الكور، ولكن لا أرى أنني اهم كائن. وكثيراً ما أقول كما قالت السيدة مريم "يا ليتني كنت نسياً منسياً"، واعتقد أن هناك الكثير مثلي.
فكرة أن نكون وحدنا بالعالم لحدّ اللحظة هي ليست بالضرورة أننا الأهم وفكرة أننا قد خصّنا الله برسالات هذا لا يعني أننا وحدنا من خصهم بذلك وبالتالي نفقد مركزيتنا للكون، ولكن ألا ترين معي أن تبني مثل هذه النظرة في الحياة سيجعلها أكثر عبثية وغرابة وقد تؤدي إلى اكتئابات نفسية توصلنا إلى الحالة التي طرحتيها على لسان السيدة مريم "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِياً"؟
أهلا بالسيدة فاتن شرفت الركن و شكرا على الجواب .. في الحقيقة أنا أعترف بأهمية الإنسان ككائن حي عاقل متمايز بالكثير من القدرات الذهنية و الشعورية و المواهب عن غيره من سائر المخلوقات و لعله أقواها و أفضلها .. و لكن ما لا أرى أنه صائب هو اعتبار الإنسان نفسه أي بجسده و شخصه له مركزية و دور مهم في الوجود بالرغم من أنه بدون ما يأتيه من الطبيعة هو مجرد جسد ميت بلا حياة .. فلا يستطيع الاستغناء عن الهواء و الماء و الغذاء و هذه كلها تأتيه من الأرض و من الحيوانات الأخرى .. و حتى في لباسه و أدواته و مسكنه هو مدين لما يوجد في الطبيعة .. و لكنه رغم ذلك ينسى دوره في العطاء للطبيعة التي أعطته تجده يسرف و يبذر و يحرق الغابات و الأشجار و يؤذي الحيوانات .. الخ ، و بالتالي فإن القلة من البشر هم الذين يدركون حاجتهم للطبيعة و الأرض و يرون ضرورة الحفاظ عليها كالحفاظ على أنفسهم تماما ..
فرصة ممتازة لطرح سؤال لطالما أردت نقاشه مع الناس لأعرف وجهة نظرهم فيه، الأخلاق والقيم الأخلاقية هي مسألة قابلة للتعميم عالمياً؟ بمعنى هل كل ما هو أخلاقي في السويد بالضرورة أخلاقي بمصر والعراق واستراليا؟ أم أن الأخلاق نسبية برأيك ونحن من طورناها؟!
الأمر هنا يعتمد في رأيي على نظرتك لهدف الأخلاق، هل هو هدف ذاتي بمعنى أن الشيء هو أخلاقي أم لأ بغض النظر عن نفعه وهذا ما يعتقده إيمانويل كانط مثلاً، وفي هذه الحالة فالأخلاق ثابتة ولن تتغير بتغير المجتمع الذي توجد فيه أو أي ظرف محيط.
بل قد يذهب كانط ويقول أن الإنسان مخطيء أخلاقيًا إن كذب حتى لو كان بغرض إنقاذ شخص أخر من الموت!
أما إن كنت تنظر للأخلاق بشكل نفعي مثل مبدأ النفعية، فالأمر هنا يختلف على منفعة المجتمع الذي بدوره يختلف من مكان لأخر ومن زمن لأخر، وقد تكون هناك أخلاقيات من الواجب تواجدها في مجتمع لن تكون مفيدة في مكان أخر وهكذا.
وهذا لا يشمل بالطبع الأخلاقيات الأساسية التي هي دائمًا مضرة مثل الاحتيال والسرقة والقتل وغيرها
أهلا و سهلا نورت بسؤالك أخي ضياء .. سؤالك من الأسئلة الممتازة و أنا لدي اجتهاد و جواب ثم لك و للمتابعين حرية التعليق بعد ذلك و هو أن الأخلاق عبارة عن منظومة من الإعتقادات التي تفضي إلى أقوال و سلوكيات مرغوب فيها و التي تهدف بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على علاقة جيدة بين الناس فيما بينهم من جهة و بينهم و بين خالقهم من جهة ثانية .. عندما نقول عن شخص أنه يمتلك أخلاق حسنة معناه أنه ( انسان موثوق به لا يؤذي غيره بأي شكل كان و لا يفسد في الأرض ) بمعنى آخر هو أن كل ما يصدر منه من أقوال و أفعال لا تفضي إلى إحداث أية أضرار .. لأنه إنسان يمتلك عقلا يجعله يدرك بأن أي ضرر مهما كان يبدو له بسيطا يمكنه أن ينتشر و يتسلسل ليصيب كل شيء حتى نفسه .. لذلك برأيي لا يوجد شيء ذو نفع اسمه ( أخلاق النرويج ) تختلف عن ( أخلاق السودان ) .. لأن الأخلاق السليمة لها شكل واحد .. و كل شيء مضر و مؤذي فهو غير أخلاقي و لا ينفع تمييزه و تصنيفه على أنه اختلاف في الأخلاق و أسلوب العيش ..
يشعر الإنسان بذلك لأنه يرى له عقلًا يميزه عن بقية الكائنات فحسب.
لكن بالنسبة لي فأنا لا أشعر بذلك، بل اعتبرني جزءًا من الحياة بالكامل بكل كائناتها والتي بدورها جزء من الكوكب الذي بدوره جزء صغير جدًا من الكون.
وربما لذلك يميل الإنسان أيضًا إلى تعظيم دوره، فالاحساس بالضآلة قد يكون خطيرًا أحيانًا ويدفع الإنسان إلى الإحساس بعدم معنى الحياة أو جدوى أي شيء.
بالنسبة لي تصالحت مع هذا الإحساس لذلك لا يضايقني، بل أفضل أن أكون جزءًا من كل الكائنات المخلوقة في تناغم سويًا والتي تتبع كلها رحلة واحدة للحياة وتتشابه كثيرًا فيما بعضها رغم الاختلافات
أهلا بالسيدة أمنية شرفت و شكرا على جوابك .. و ما تفضلت به هو المنطق السليم و هو ما يعكس حقيقتنا بالضبط نحن جزء يؤثر و يتأثر بما يوجد في الكون .. لذلك نحن لسنا كل شيء .. و احساسنا المتعاظم و المبالغ فيه بالأهمية مرده إلى وجود نقص في العقل و الوعي .. لأننا كلما اكتشفنا أكثر و تعلمنا أكثر سنزداد استيعابا لحقيقة حقارتنا أمام الكون و أمام خالق الكون ..
التعليقات