من مظاهر الفكر اللا إكتراثى هى الفلسفة الوجودية وهى مدرسة فلسفية متشبعة وممتدة ولها منظريها وفلاسفتها المروجون لها ،،
وطبعا هذا المقام لا يسمح لعرض كل ما فيها بالتفصيل لكننى سأحاول أن أقوم بجولة سريعة عن ملخص مذهبهم مما يقولون هم عن أنفسهم محاولاً ربط هذه الفلسفة بالفكر اللااكتراثى ،،
ولكى نفهم الفلسفة الوجودية لابد من الرجوع لظروف نشأتها وازدهارها حيث ازدهرت الفلسفة الوجودية فى وقت بدأ يشعر فيه الإنسان الغربي بضياع المعنى وسقوط القيمة من حياته مما جعله يشعر بما يعرف بالقلق الوجودي أو الخوف الكونى " سنتحدث عن هذا المعنى بشئ من التفصيل بعد ذلك " ،،
وكان من أهم الأسباب التى أدت إلى نمو هذا الشعور هو الشك فى المثاليات العلمانية المبنية على حتمية القوانين الطبيعية والتى كانت تعد الإنسان الغربي وتعطى له أملاً كبيرا فى عالم مثالى يسكنه بشر يسيرون فيه وفق المناهج والمذاهب الفلسفية المأخوذة من القوانين الطبيعية ،،
هذا العالم يخلو من المشاكل والحروب والصراعات حيث يمضى للأفضل فى تقدم مستمر و يسير فيه البشر كالآلات الخاضعة للحتمية و التى تعمل بدقة عالية وكفائة متناهية لا مجال فيها للأخطاء والشذوذات ،،
ولكن خاب هذا الأمل بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية وما نتج عنهما من دمار شامل وخسائر فادحة وقتلى بالملايين وجثث فى كل مكان و ظهور حركات شديدة القسوة والوحشية كالنازية وغيرها والتى ارتكبت أعمال فظيعة وجرائم فى منتهى العنف والظلم واللاإنسانية،،
كل ذلك أدى إلى هز وجدان الإنسان الغربي هزاً عنيفاً ومن المعلوم أن الإنسان بصفة عامة إذا أصيب بأزمة شديدة حتى ولو كانت أزمة شخصية فإنه عادة ما يُثار لديه القلق الوجودى فما بالكم بأزمة عامة وكارثة كبري وعالمية بحجم الحرب العالمية !! ،،
ومن هذا القلق والتساؤل و سقوط المعنى وضياعه تولد وانتعش الفكر الوجودى و الذي بدأ يشك شكاً عنيفا فى مدى قدرة المذاهب السياسية والإقتصادية المبنية على فكرة الحتمية الطبيعية فى ضبط سير الإنسان وتنظيم حركته وتوجيهه للأفضل فى دنياه ،،
فهل الإنسان فعلا يسير وفق الحتمية الطبيعية أم أنه يخرج عن هذا الإطار والنسق الميكانيكى المغلق و الذى لا يصلح أن يطبق إلا على الأجسام الطبيعية أو الآلات الصناعية ؟؟
كما ظهرت التساؤلات الباحثة عن معنى الحياة والجدوى من ورائها فإذا كان كل شئ ينتهى بالموت أو بالدمار فما قيمة هذه الحياة وما جدواها وما الهدف منها ؟؟
كل هذه التساولات وهذه المشاعر والصدمات العنيفة وما تولد عنها من شكوك جعلت الإنسان الغربي فى حالة من الثورة الداخلية والتمرد القوى العنيف على الحياة وعلى الواقع وعلى كل شئ،، هذه الثورة والتمرد كان وقود الفكر الوجودى ،،
ولكى لا أطيل هنا أكثر من اللازم فسأحتاج إلى إكمال هذا الموضوع فى المرة القادمة بإذن الله تعالى
التعليقات