عندما اتصفح انستغرام من وقت لآخر - بالصدفة - أشعر أنني اعيش في كوكب آخر ... كل هؤلاء المبتسمين ، كل هؤلاء الذين يلتقطون الصور لأنفسهم امام المرآة في صالات الجيم ، كل هاته الفتيات الجميلات التي لا يفعلن شيئاً سوى رقصة الكيكي ..

عالم مختلف تماماً عن تفاصيل العالم الذي نعيشه واقعياً ، حيث الحرّ والانشغال والأزمات والمشاكل والبطالة في كل مكان.. حيث كفاح المراهقين في العمل الاضافي ، وكفاح الشباب لتأمين وسيلة حياة ووظيفة أفضل وسط غلاء الاسعار والأبوكاليبس الشامل الذي نعيشه ..

مختلف حتى عن مفهوم السعادة والترفيه الذي نعيشه في الواقع الذ يكون اكثر بساطة ودفئاً..

المدهش انني اكتشفت ان عدد كبير من الناس يأخذون هذه الصورة الثابتة الافتراضية الوهمية بجدية كاملة ... هذا الشعور المؤسف بالمقارنة بينك وبين الآخرين ، في الوقت الذي يتم تصدير معنى ان الكل سعداء الا انت .. الكل أغنياء إلا انت .. الكل وسيم وجذاب ويلعب الجيم ، الكل يسافر ويتحرر ويركب الطائرات ويتوجّه الى تايلاند صيفاً ، ثم يذهب الى أسبانيا شتاءً ..

بينما انت تعاني الامرّين في تفاصيل حياتك الشخصية في أدق تفاصيلها ، وعقلك يتصوّر ان الكل سعداء بسبب صورهم على انستغرام، أو تحديثاتهم على الفيسبوك..

في رأيي ، أسوأ أثر تركته داخلنا السوشيال ميديا هو تعظيم المقارنات مع الغير .. تصوّر انهم سعداء وانت تعيس .. او تصوّر انك سعيد وهم تعساء .. في الوقت الذي انت حرفياً لا تفعل شيء سوى التأثر بأوهامك الشخصية لنفسك والآخرين ..

هل تتأثر بأذرع السوشيال ميديا التي تنقل لك حياة تبدو مختلفة تماماً عن الحياة التي تعيشها ؟ .. هل تؤثر على نفسيتك أو تركيزك أو حتى مستوى سعادتك واحباطك ، ام انك واعي أنها مجرد لقطات ثابتة لا تعبر عن شيء مُطلق ؟

أم أنها ، في الحالتين سواءً تراها تعبرّ عن واقع أو تعبّر عن تظاهر من الآخرين ، لا تراها شيء مؤثر حقيقي في حياتك ؟