اطلعت منذ فترة قصيرة على كتاب "في الشعر الجاهلي" لعميد الأدب طه حسين، وقبل الاطلاع على هذا الكتاب كنت قد قرأت عنه الكثير والكثير بصفته أحد أكثر الكتب العربية المثيرة للجدل.

وقد تفاجئت بأطروحة الكتاب حيث أن الكاتب يحاول أن يقول إن أكثر الشعر الجاهلي الذي نقرأه اليوم لم يكتبه الجاهليون حقًا ولكن كتب في أزمنة أبعد لأسباب مختلفة منها أسباب اجتماعية لها علاقة بطبيعة المجتمع العربي آنذاك وموازين القوى به وأسباب لها علاقة بالإنسان نفسه الذي يخطئ ويسهو ويضيف القصص بقصد أو بغير قصد. 

وبسبب اختلاف طرق البحث والتمحيص عن طرقنا الحديثة لم يستطع العديد من العلماء القدماء التفرقة بين ما هو حقيقي وما هو منتحل فأخذ الحق بالباطل وتم تجميع كل ما وُصل إليه.

كما قال الكاتب أننا لا يمكنا الاستعانة بالشعر الجاهلي على فهم المجتمع قبل الإسلام لأنه منتحل كما ذكر بل علينا الاستعانة بالقرآن الكريم لأنه ظهر في هذا الفترة ولأن العرب اهتموا به اهتمامًا شديدًا على عكس ما كان الاهتمام بالشعر في نفس الفترة الزمنية. 

الكتاب صادم بالنسبة لي كشخص محب للشعر بشكل عام والشعر العربي القديم بشكل خاص ولكن ألم يحدث أن قرأ أحدنا بيتًا وشعر أن لغته أسهل من أن يكون قد قيل في هذه الفترة القديمة؟ لقد شعرت بهذا أحيانًا.

وقد جعلني الكتاب أتسائل كيف يمكننا أن نعتمد بصدق على أن هذه الأبيات الشعرية التي نتداولها قد قالها صاحبها حقًا وإذا كان التاريخ يزور أمام أعيننا كل يوم فكيف نعرف ما الحقيقي وما المزيف ونحن مجرد مطلعين لسنا بالمختصين في شيء؟ وهل يجب أن يفرق معنا كمحبين للشعر صدق تاريخه أم يكفي المعنى الذي نستخرجه من تلك الأبيات وتأثرنا بها؟