نقلتُ عدِّة تجارب لمساهمين فاعلين في اللغة والأدب أمثال قنوات الأمالي (1) ومداك العروس (2) واليوم أتحدَّث عن أكبر مُساهم في شيوع ثقافة الشعر القديم بين روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، أتحدّثُ عن رجل عمَّني منه خير وفير، وإن لم أكن من طُلّابه الخُلصاء.
دعينِي وقُولِي بَعدُ ما شئتِ؛ إنني .:. سيُغدَى بنَعشِي مرةً وأُغَيَّبُ
الأستاذ أبو قيس محمّد يوسف رشيد، ينشر على قناته في يوتيوب شروحات للقصائد الشعرية العالية، ويُقيم المجالس الأدبية القيِّمة في تذوّق تلك النصوص وشرح أمهات الكتب العربية القديمة.
قناته على يوتيوب وصلت إلى 916 فيديو حتّى هذه اللحظة، وأجمالي مشاهدة يقترب من الـ 5 ملايين ونصف، وكلّ ما في تلك القناة قيِّم ومفيد.
لأبي قيس أيضًا كتب صادرة منشورة، وهي (تذكّرتُ ليلى) في شرح مؤنسة مجنون ليلى، و(مدرسة الغزل) في شرح قصائد عمر بن أبي ربيعة، و(ألا عم صباحًا) في شرح واحدة من أجود قصائد الملك الكندي امرؤ القيس بن حجر، ومؤلّفات فنيّة أخرى، حرصتُ على اقتنائها وإيصالها من مصر إلى العراق.
تحدّثتُ لأجل إعداد المقال، مع الأستاذ أبي قيس الطائي كما تحلو عليه الكنية والنسب، عن بدايات قناته على يوتيوب فقال
بدأتْ قناتي باليوتيوب لغرض بث الأشعار الرفيعة المسجلة تسجيلًا دقيقًا.. كنتُ ومازلتُ أرى أنّ قدرًا كبيرًا من إصلاح الذوق العربيّ العام يكفي فيه أن يستمع الناسُ إلى الشعر الصحيح إذا كان من الأبواب التي تقترب من نفوسهم ويسهل عليهم فهمُ مراد الشاعر، لأجل ذلك بدأتُ بتسجيل القصيدة المؤنسة لمجنون ليلى، وتائية كثير عزة.. وقد وجدتُ أن تسجيلات هذه القصائد باليوتيوب لا تصلح في الغرض المنشود لغلبة عدم الضبط عليها، وعدم الدراية بالمصادر والروايات التي يعتمد عليها، كما يكثر فيها انتقاء الأبيات التي تعجب صاحب التسجيل وعدم تسجيل القصيدة تامّة. وحين اتسع عملي في الإفادة والتدريس للشعر كانت القناة موضعًا لنشر كل ما يمكن نشره وكثر المشتركون بها المستفيدون منها والحمد لله وحده.
وبالنسبة للأمور التقنية المعقّدة، فلأبي قيس نظرة خاصّة حول الأمر، وهو يرى أنَّ المادة المُقدَّمة الجيّدة أهم من الحفاوة بالتقنيات المتطورة:
كنت في الأول أسجل بكاميرا قديمة متواضعة الإمكانات قليل الدقة.. ثم صرتُ أسجل بكاميرا الجوال الذي كان متأخرًا عن الجوالات التي بأيدي الناس.. والآن معي جوال جيد هو ما أستعمله فيما ترون من المجالس منذ النصف الثاني من العام الماضي ٢٠٢١ وحتى اللحظة.. وقد تحصَّلتُ قبل شهور قليلة على كاميرا متطورة جيدة ولم أستعملها حتى اللحظة لحاجتي إلى بعض الوقت للتعرف إلى كيفية استعمالها وللآن لم اتمكن من تحصيل هذا الوقت لكن سيكون عن قريب إن شاء الله.
الأمر كما ترى ولم تتعطل الفكرة عن الوصول إلى الناس واستفادتهم منها؛ لان مجالنا مجال رفيع، والذي يريد تحصيل هذه المادة الأدبية الرفيعة لن يوقفه أنّ دقة الكاميرا ليست عالية أو أنّ الإخراج ليس محترفًا.. إن الصور التي تراها في أغلفة تسجيلات القصائد وفيها بيانات القصيدة وبيانات مصدرها إنما صنعتُها بيدي على برنامج البوربوينت القديم.. لاشك ان التقنيات جيدة، والمادة جديرة بها، لكن لن نتوقف حتى نحصلها..
أبو قيس ليس "يوتيوبر" وهو لا يعرِّف نفسه بالمنصّة، إنما هو عليها وعلى بقية المنصّات الاجتماعية لهدف رفيع وغاية سامية، فحينما سألته عن ما يرجو تقديمه للمحتوى الأدبي العربي:
ما حواه الرجاء كثير، والذي ينبغي الاعتناء به هو تنقية الفكر الفني العربي من الدخيل غير العربي، وكثرة شرح القصائد التي تغسل الأذواق المعاصرة من تراكمات العهود!
قناة اليوتيوب:
(1) مقالي عن قناة الأمالي
(2) مقالي عن قناة مداك العروس
التعليقات