رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أحسِن سِياسَتَهُ 
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ 
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا 
شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ

هذه الأبيات التي بين يديكم لشاعر لم يُسمع عنه سواها، ولا يُعرف عنه شيء سوى ما صرّح به في أبياته، بل إن الأقوال حوله متضاربة، ورائعته المسماة فراقية ابن زريق هي قصيدته اليتيمة التي لم يكتب غيرها أو لم يصلنا سواها له .

يقول في وصف حالته مع ابنة عمه ومحبوبته التي فارقها من أجل طلب رزقه أنها كالملك الثمين الذي خسره لأنه لم يحسن سياسته، وهنا ولوج لمبدأ سياسي أساسي في الملك وهو أن المحافظة على الملك أشد صعوبة من الحصول عليه، وينبغي على الأمير اتباع سياسة حذرة ومتوازنة حتى يستطيع الحفاظ على ملكه ويحقق الإنفراد به .

بعيداً عن غياهب السياسة، فالمبدأ قائم أيضاً في شتى مجالات الحياة، حتى العلاقات الإنسانية، فتشبيهه لمحبوبته بالمُلك لم يأتِ من فراغ بل هو أعمق في إيصال المعنى إلى القارئ المتذوق .

ويذكرنا بعد ذلك بأهمية شكر الله على نعمه، وأن الإعراض عن الشكر والإلتهاء عنه متمتعاً سيؤدي بك إلى فقدانه والحسرة عليه .

القصيدة رائعة بحق وأشير عليكم بقرائتها والتمتع بكل بيت فيها فهي حقاً لن تتكرر وهنا أصل بكم إلى سؤال الختام التالي :

هل تعتقدون أن الحفاظ على الشيء أصعب من الحصول عليه ؟