مسلسل غريز أناتومي ليس غريبا عن مسامع أغلبكم، كونه كان يعرض على شاشة mbc، وهو مسلسل دراما طبية حائز على العديد من الجوائز حتى وأنه مستمر حتى الآن بجزئه الخامس عشر. للصراحة لم أعجب بالأجزاء الأخيرة منه، فشعرت أنها باتت مملة ولا تضاهي جودة أجزاءه السابقة، وهذا حال الكثير من المسلسات التي تستمر للكثير من الأجزاء.
من الوقت إلى الآخر، أستمتع بإعادة بعض الحلقات من مسلسلاتي القديمة، فأشعر أن مشاهدتي الثانية قد تكون أكثر متعة من الأولى، بحيث أستطيع دراسة وفهم الشخصيات بشكل أفضل وربطها بالحياة الواقعية. وفي حلقة كنت أشاهدها منذ بضعة أيام، جاءت على لسان شخصية ميريديث المحبوبة العبارة التالية: "لا تدع ما تحبه ينسيك ما تحتاجه". وكما أفعل دائما، أنتزع بعض العبارات من سياقها الدرامي وأفكر فيها في ضوء المواقف الحياتية الطبيعية.
فعادة ما كنت أظن أن ما أحبه، هو ما أنا بحاجة إليه، فأنا أحب أصدقائي، إذن أنا بحاجة إليهم، وهكذا في جميع الجوانب الحياتية، كوني أعتمد الشغف والحب دافعا لمعظم أفعالي واختياراتي وسلوكياتي. ولكن بالطبع، مع تقدمي بالعمر وازدياد مسؤولياتي، اكتشفت أن الحب شيئ والحاجة شيئ، ولكنني وقعت في حيرة، فكيف أوازن بين ما أحبه وبين ما أحتاج إليه؟ وإن تحتم الخيار بين ما أحب أو أكن شغفا له، وما أنا فعلا بحاجة إليه، ما الذي يجب أن أفعله؟
فأنا أعلم بأنه لا يمكن أن أعتمد الحب والشغف كمحرك، فيوجد مسؤوليات أخرى على الالتزام بها تجاه نفسي وتجاه الآخرين، وأعلم أنه في الكثير من الأحيان علي فعل أمر لا أرغبه لأنه الخيار الصائب. ولكن من جهة أخرى، أليس من الصعب القيام بشيئ دون محرك ودافع قوي؟ وكيف نأتي بالطاقة لبذلل الجهد إن غاب الشغف والإلهام؟ فمثلا، إن كنا مغرومين بتطوير موهبة أو هواية ما، أو كانت الوظيفة التي نهواها غير كافية لسد احتياجاتنا المالية، بينما وظيفة أخرى لا نهواها وتشكل عبأ نفسيا علينا، هي الخيار الأنسب ماديا، سنضطر إلى الاختيار بين المال الذي نحتاجه مع العمل في ما لا نهواه، وبين الشغف الخاص بنا الذي ترافقه ضائقة مادية.
فماذا تفعلون إن خيرتم بين أمر تحتاجونه وأمر تحبونه؟ ومن أين نأتي بالقوة والطاقة لاختيار ما نحتاجه على حساب ما نحبه؟ وهل يمكن أن نتلم حب ما نحتاجه كي نوفر نفسنا كل هذا العناء؟
التعليقات