يقول الله في القرآن :" وإن من أمة إلا خلا فيها نذير".. لكن الأبحاث الاركيولوجية والتاريخية لا تدعم هذه الآية .. لماذا لا يوجد اخبار عن اشخاص ادعو انهم يتواصلون مع السماء كما في الشرق الأوسط

مرحبًا. ينبغي توضيح بعض النقاط الهامة:

1. لهذه المنطقة (الشرق الأوسط) خصوصية؛ وذلك أن أول من بنى، واستوطن مدنًا في التاريخ قد عاشوا في هذه المنطقة. نشرت اليونسكو قبل فترة قائمة بأقدم المدن في التاريخ؛ وللمصادفة كانت من ضمن القائمة 6 مدن تقع في منطقة الشرق الأوسط. ومدينتان فقط خارج هذه المنطقة. ومن المعروف تاريخيًا أن الحضارات الإنسانية قد بدأت من هذه المنطقة؛ أي منطقة الحجاز، والشام، ومصر، والعراق. ؛ ثم انتشرت شيئًا فشيئًا إلى مدن أخرى. فمن الطبيعي جدًا أن تنال هذه المنطقة الحظ الاوفر من الدعوة؛ كون نشأة الحضارات كانت فيها. انظر هذا المصدر للاستزادة.

1. لم يتكلم القرآن عن جميع الرسل. ولأن القرآن ليس كتاب قصص؛ فلم يذكر جميع قصص الأنبياء؛ وإنما فقط ذكرَ ما يثبّت به قلب النبي (صلى الله عليه وسلم)، وما يحقق العبرة والعظة من قصصهم. لذلك لم يذكر القرآن إلا قصة 25 رسولًا. 4 منهم فقط كانوا عربًا. والراجح لدى علماء المسلمين أن عدد الأنبياء تجاوز 124 ألف نبي، كان منهم 313 رسول.

2. كل نبي، أو رسول كان يُرسل لقومه خاصة. بمعنى تكون رسالة الرسول مقصورة على قومه دون غيره من الأقوام. لذلك من الصعب معرفة عدد الأنبياء والرسل بالتفصيل. مثلًا كان هناك موسى، وشعيب. كل منها أرسل لقوم على حدة. ولولا أن موسى هاجر من مصر؛ لما علم أن هناك نبيًا اسمه شعيب. نفس الأمر تكرر مع موسى، والخضر. ومرة أخرى مع إبراهيم ولوط. والأمثلة غيرها كثيرة. الر سالة الوحيدة العالمية هي رسالة نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم). وبها خُتمت جميع الرسالات. لذلك تكلّف الصحابة، والتابعون من بعدهم بتبليغ الدعوة لغيرهم من الأقوام. بينما لم يكن ذلك موجودًا مع الأنبياء السابقين. حيث كانت الدعوة تكون مقصورة بقوم محدد.

3. منطقة الشرق الأوسط لمنطقتها الاستراتجية، ووقوعها بين بحار، ومحيطات، ووجودها في منتصف العالم، وتنوع الثروة الحيوانية والزراعية فيها. فقد كانت دائمًا مطمعًا لأي إمبراطورية. اقرأ في أي كتاب يتحدث عن تاريخ الأمم، وستعرف أن هذه المنطقة قد شهدت أول استطيان للإنسان. وأن الحضارات اليونانية والفارسية، والرومانية أتت بعد هذه الحضارات بقرون طويلة. حتى أعنف الحروب الكبرى التي حدثت على مدار التاريخ كانت في هذه المنطقة. ومنها ما كان في الحرب العالمية الثانية؛ حيث دارت أكبر المعارك بين الألمان والبريطانيين وحلفائهم للدفاع عن مصالحهم في شمال إفريقيا.

4. قد ذُكر في القرأن أنه ما آتى من نبي إلى قومه إلا قالوا عنه ساحر أو مجنون. فيكون من الطبيعي أن لا يوثق بعض المؤرخون وجود هؤلاء الأنبياء. وخير دليل على ذلك أن عدد أنبياء بني إسرائيل حسب اليهودية مثلًا 48 نبي. بينما في الإسلام عدد أنبياء بني إسرائيل لوحدهم كان 600 نبي على أرجح الأقوال، ومنهم من زاد على هذا الرقم ليُصبح 1002 نبي. وهذا ما يؤكد أنه ليس كل الأنبياء ثد تم توثيقهم. هذا مع بني إسرائيل فقط؛ فما بالك بغيرهم.

5. تتحدث عن سقراط. سقراط توفي قبل عيسى عليه السلام ب300 عام فقط. وأغلبية الرسل والأنبياء بُعثوا قبل عيسى عليه السلام بفترة طويلة جدًا. أي أن نسبة بعث الأنبياء في تلك الفترة قليلة جدًا بالمقارنة في الفترات الأولى من الحضارات. وخير دليل على ذلك أن عدد الأنبياء بين موسى وعيسى كان 1000 نبي. رغم أن الفترة بينهما تجاوزت 1700 سنة. بينما الفترة بين عيسى ومحمد كانت 599 سنة، ومع ذلك لم يأت رسول بعد عيسى إلا محمد صلى الله عليه وسلم.

7.أخيرًا. لنفترض أنه لم يُبعث لهذه الأمم أنبياء أو رسل. إن القرآن يقول أن كل أمة لم يصلها رسول من الله لن يعذبها (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا). أي أن أي أمة لم يأتها نبي أو رسول ولم يقم عليها الحجة والبرهان؛ فإن هذه الأمم أمرها يكون إلى الله. احكم أنت في الأمر، أيهما أفضل. أن يبعث الله رسولًا لأمة ما، ويقيم عليها الحجة وبالتالي تُصبح مكلّفة أمام الله، أو أن تبقى بدون رسول ويكون أمرها إلى الله؟. نفس الأمر لمن يسأل دائمًا عن حال الناس الذين لم يصلهم أمر الإسلام مثل أدغال أفريقيا، أو الإسكيمو وغيرها. فنفس الأمر ينطبق عليهم. يكون أمرهم إلى الله.