.

سأنصّب نفسي هذه المرة قاضيا إن أذنتم لي طبعا ..

لو جيء بمقطع فيديو زنا وثبتت الجريمة فما هو الحكم ؟

الجواب : لن أنظر للمقطع سواء ثبت أو لم يثبت بل آخذ صاحب الشريط من تلابيبه وأبطحه أرضا وآمر الجلاد بجلده 80 جلدة حد القذف وأسقط شهادته ..

حسنا .. ماذا لو كنت في عصر الصحابة وجاء ثلاثة من كبار الصحابة العدول يشهدون ..

نفس الكلام ؟

سآمر الجلاد بجلدهم وأسقط عنهم الشهادة والأهلية !!

.

حسنا ..

ماذا لو جاء أربعة شهود عدول !!

في هذه الحالة فقط سأقيم حد الزنا -على كراهة- ثم ألقن هؤلاء الشهود درسا في الستر ..

.

ماذا لو كنت أنت يا قاضينا شاهدا وطلب منك الإدلاء بشهادتك !

سأكتمها ولن أشهد .. إذ لا يجوز كتمان الشهادة إلا في هذه ..

.

ليس هناك أحط قدرا ولا أقذر نفسا ولا أقبح طبعا من الذين يحبون نشر الروائح الكريهة في المجتمعات المصونة ..

وإذا كان الزنا جريمة بشعة -وهي كذلك- فإن القذف جريمة أبشع .. ولذا كانت عقوبة القاذف أشد وأقسى من عقوبة الزاني ..

الزاني 100 جلدة فقط ..

أما القاذف 80 جلدة + إسقاط شهادته وأهليته + وأولئك هم الفاسقون ..

.

هناك مقاصد للشريعة .. والهدف من إقامة الحدود هو استرجاع الحقوق ..

فالسارق يقطع ويعاد ما سرق لصاحبه .. والقاتل يقتل ويعاد الاعتبار لاهل المقتول ..

ولا شيء من العار سيلتصق بأهل السارق والقاتل .

لكن الزنا غير .. !

ليس فيه حق سيعود لصاحبه ..

وليس في المسألة ظالم ومظلوم بل كلاهما ظالم لنفسه .. وهو الجريمة الوحيدة التي اشترط فيها أربعة شهود ..

وأنا أتفق مع قول الفقهاء بضرورة أن يرى الشهود المشهد كالميل في المكحلة .. وهذه استحالة إلا إذا تفشى الوباء وأصبح مجاهرة ..

ليست القضية ثبوت الجربمة من عدمه ..

فإذا ما كان هناك مقطع مسجل أوشهادة ثلاثة صحابة كبار أو شهادة القاضي نفسه فهذه أدلة كافية على ثبوت الجريمة ..

ولكن المسألة لها أبعاد يعلمها الله ولا نعلمها وإن علمنا بعضها ..

ولذلك تأملوا في قوله تعالى :

"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) "

يعلم ما ستؤول إليه الأمور من تفشي الجيف ومن القيل والقال .. وما سيترتب على ذلك من تفكك النسيج الاجتماعي ومن الأذى النفسي والأحداث الكارثية التي ستلتهم الأخضر واليابس ..

هؤلاء -وهم فقط يحبون أن تشيع الفاحشة ولا يشيعون- سينالهم نصيبهم من عذاب الدنيا قبل الآخرة وسيكتوون بالنار التي أحبوا أن تشتعل .. فما بالكم بمن يصبون الزيت في النار !!

.

إن إشاعة الفاحشة سبجعل من فلان وفلانة يشجعون الآخرين على الفاحشة انتقاما من المجتمع الذي قهرهم !!

لذلك كان من الأولى بل من الواجب إطفاء الشرارة قبل أن تنتشر وصرف الناس عن هذه التهمة وإن ثبتت ما لم يصل الأمر إلى حد المجاهرة أو بعبارة أخرى ما لم يكن هناك أربعة شهود عدول رأوا المشهد كالميل في المكحلة ..

.

إذن القضية قضية مجتمع لا قضية فاعل وفاعلة .. (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) ..

أما الفاعل والفاعلة -قبحهما الله- فهناك عذاب مضاعف في الآخرة ما لم يتوبا ويصلحا ما أفسدا .. "ومن يفعل ذلك يلق أثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا' .

ومجتمعنا اليمني -والحمدلله- ما زال في منأى عن الفواحش ولا يحب-بالفطرة- سماع القيل والقال ..

ولا يوجد شيء مما قد يقال هنا أو هناك ..

هي مجرد إشاعات تقوم بها عصابات منظمة للنيل من الأسرة اليمنية ولتمزيق النسيج الاجتماعي .. ولها أبعاد سياسية .. وفي القريب العاجل سينكشف الغطاء عن هذه العصابات ..

.

وإذا حدثت علاقات مشبوهة فهي لا تصل لدرجة الفاحشة .. وعلى أولياء الأمور ضبط المراهقين والمراهقات ومنعهم من تلفونات اللمس والنت عموما درءا للمفاسد ..

.

خلاصة الأمر .. كفوا ألسنتكم عن القيل والقال فأعراض الناس ليست مباحة لأحد ..

" وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم "