من مفسدات القلوب (التعلق بغير الله)

القلب هو جوهر الإنسان، ومنبع الإيمان، ومحور التوجه في هذه الحياة. وكلما كان القلب متصلًا بالله، قويًا في محبته، مطمئنًا بذكره، كان صاحبه في سعادة حقيقية. لكن إذا تعلق القلب بغير الله، أصيب بالوهن والاضطراب، وسلك صاحبه طريق الضياع.

التعلق بغير الله.. ماذا يعني؟

هو أن يميل القلب إلى شيء أو شخص ميلًا يُنسيه التوكل على الله، فيجعله يربط سعادته وراحته وطمأنينته بهذا الشيء أو الشخص.

قد يكون التعلق بشخص معين: كصديق أو زوج أو معلم أو شخصية معروفة.

أو التعلق بالمال والمنصب: بحيث يصبح جمعه هو الهدف الأول، ويُشعر الإنسان بالأمان الزائف.

أو التعلق بالدنيا وزينتها: فينصرف عن الآخرة ويجعل دنياه كل همه.

لماذا يعد التعلق بغير الله مفسدًا للقلب؟

1. يفسد التوحيد والإخلاص

الله سبحانه هو المستحق للمحبة والتعظيم والتوكل، والتعلق بغيره يجعل القلب متذبذبًا بين الخلق، بدلًا من أن يكون ثابتًا في الإيمان.

2. يجلب القلق والخوف

كل شيء سوى الله زائل، فحين يتعلق الإنسان بشيء فانٍ، فإنه يعيش في خوف من فقدانه، وقلق دائم من تقلباته.

3. يؤدي إلى الذل وضعف النفس

المتعلق بغير الله يسعى دائمًا لإرضاء من تعلق به، حتى لو على حساب دينه ومبادئه.

4. يصرف عن ذكر الله

لأن القلب يكون منشغلًا بالمحبوب أو المتعلق به، فيضعف الذكر، ويقل الإقبال على الطاعات.

5. يعرّض الإنسان للخذلان

قال الله تعالى: "واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزًّا، كلا! سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضِدًّا" (مريم: 81-82).

كيف يتحرر القلب من التعلق بغير الله؟

1. تعزيز التوحيد واليقين

أن يدرك الإنسان أن الله وحده هو المعطي، وهو القادر على كل شيء، وأن البشر مهما أحبهم لن ينفعوه إلا بما أراده الله.

2. التعلق بالآخرة

عندما يجعل الإنسان الآخرة هي همه، يزهد في التعلق بالدنيا وأهلها.

3. تقوية العلاقة بالله

من خلال الدعاء، والذكر، وقراءة القرآن، والتوكل الحقيقي عليه.

4. الرضا بالقضاء والقدر

فلا يربط سعادته بشيء معين، بل يعلم أن ما قسمه الله له هو الخير.

الخاتمة

القلب لا بد أن يتعلق بشيء، فإن لم يتعلق بالله تعلق بغيره. فالسعيد من جعل قلبه متصلًا بالله وحده، لا يخاف إلا منه، ولا يرجو إلا عطاءه، ولا يجد الطمأنينة إلا في قربه. فمن وجد الله، ماذا فقد؟ ومن فقد الله، ماذا وجد؟