أفكّر بالتاريخ على وساعته وبما مرّ به من أحداث مثيرة وربما مخيفة أو جميلة أو أحداث حروب أو اختراعات ولحظات مفصلية للدول والمجتمعات والأفراد، من بين كل ما مرّ في التاريخ، ما هي الفترة التاريخية التي تتمنى وتحب أن تعيشها ليوم واحد؟
ما هي الفترة التاريخية التي تتمنى وتحب أن تعيشها ليوم واحد؟
لو أتيحت لي هذه الفرصة، سأختار أن أعيش يوم فتح مكّة، أن أرى بريق عيني الحبيب محمّد صلوات ربي عليه وهو يرى ثمار سعيه، أن أعيش اللحظة مع الصحب الكرام، ربما سأعيشها مع أمهات المؤمنين بما أني امرأة ..
بديهيا أن أقول أنه عصر البعثة المحمدية لكن رؤية النبي محمد -- صلى الله عليه وسلم-- أتمنى أن تكون في الجنة.
لكن حقيقي أفضل عصر بالنسبة لي هو أي عصر يختلف في وجوده العلماء والمؤرخون بعيدا عن كونه قد لا يُعد تاريخيا لأنه ليس هناك حقائق أو آثار ملموسة تدل عليه مع أني متأكد من أنه لا توجد أسطورة بدون أساس؛ فمثل هذه الحقب هي حقبة مدينة أتلانتيس الضائعة أو مدينة ثينيس التي كانت مدينة الحضارة المصرية القديمة، أو مدينة Z التي يعتقدون أنهم وجدوا أطلالها في غابات الأمازون أو مدينة القياصرة أو غيرها. وثانية: بالرغم من أننا حاليا لا نعتبرها من التاريخ فقد يأتي من بعدنا ويعتبروها منه، ولا تنسوا أن الأرض كانت كروية في مفاهيمنا قبل أن نكتشف أنها بيضاوية.
أن تحب أن تضع نفسك بالمجهول فهذا أمر غريب، عادةً الناس يحبون أن يختبروا أمور قد سمعوا عنها، ما الذي يجعلك تحب أن تختبر أمور لم تسمع عنها قط قبل الآن بروايات أكيدة؟
ما الذي يجعلك تحب أن تختبر أمور لم تسمع عنها.
أنا شخص يعشق الاختلاف وأؤمن بهذا الاقتباس "عندما أرى الزحام، أدرك أنني في الطريق الخطأ." - بيل واترسون، وأعتقد أن كل الاختراعات الحديثة مثلا لم تقم إلا على خيال من صنعوها، فمثلا البلورة السحرية أخرجت لنا التليفزيون وبساط علاء الدين أنتج لنا الطائرة.
وأنا لا زلت على رأيي: لا توجد أسطورة بدون أساس حتى ولو كانت تاريخية وعدم معرفتنا بالشيء لا يعني أنه غير موجود.
هذا ذكرني باقتباس لا أعرف من صاحبه ولكنه أثّر في حياتي لفترة معينة فيها وهو التالي: اخدموا غرابتكم - كان هذا الاقتباس يجعلني متحمس أكثر للقيام بكل ما يحلو لي حتى ولو كان يكسر السائد المجتمعي والتوقعات، كان معياري واضح في الأمور، طالما أنني لا أوذي أحداً فلي الحق في كل شي.
لأني مصري سوف اختار عصر بناء الأهرامات، لأن في ذلك الوقت كان هناك تغليب للعلم والمعرفة في مصر، وكانت مصر تحمل شعلة الحضارة.
أخشى أننا لو رجعنا لهذا العصر لكنا من العبيد الذين يعملون في بناء الأهرامات ورفع الحجارة.
لكن السؤال فعلًا، هل كان المصريون يدركون حينها مدى عظمتهم وأنّ التاريخ سيخلدهم كحضارة مذهلة؟ أم كانوا يعيشون حياة والسلام؟
العبيد لم يبنوا الأهرامات وتلك خرافات تروجها دولة الكيان المزعوم الغاصب لكي يكون له حق العودة من النيل للفرات، وأرجوا منكي في تلك النقطة تغليب الأدلة العلمية وليس الأساطير الدينية التي يروجها اتباع هذا الكيان الغاصب.
لكن السؤال فعلًا، هل كان المصريون يدركون حينها مدى عظمتهم وأنّ التاريخ سيخلدهم كحضارة مذهلة؟ أم كانوا يعيشون حياة والسلام؟
أكيد كانوا يدركون، فكان في تلك الفترة كل جيرانهم ينعمون في الفشل والجهل والمرض ومصر كانت تحمل شعلة العلم.
العبيد لم يبنوا الأهرامات وتلك خرافات تروجها دولة الكيان المزعوم الغاصب لكي يكون له حق العودة من النيل للفرات
إذا لم يكن العبيد هم من بنوا هذه الأهرامات إذا كيف يمكن تفسير بناءها؟ بعمال عاديين برأيي هذا الأمر قد يغدو صعباً جداً لأنه سيتنزف موارد الدولة المالية بشكل لا يُوصف وبشكل لا تقوى عليه وتحسب حسابه حتى ميزانيات الدول الحالية إن كان سيتم بناءه بذات الطريقة، أشعر بأن فكرة وجود عبيد يبنوا لقاء الطعام والشراب فقط هي الفكرة المنطقية الوحيدة التي تفسّر لي هذا العمل الكبير، بل شاسع الضخامة للحضارة المصرية. وبالعموم حتى ولو كان طرحي وطرح رغدة صحيحاً لا أفهم كيف يمكن لأي عدو أن يأخذ وجهة نظرنا ويحولها لنقطة أفضلية في حربه معنا! الزمن السابق كان مليء بهذه الظاهرة في العالم كله وليس فقط في مصر!.
من قال ذلك؟ لم يكن هناك تغليب للمعرفة، بل هناك تغليب للهندسة والأساطير والفلك في تلك الفترة، زجميعها كانت محصورة فقط بالمقتدرين الذين يستطيعون تحمّل تكاليف العيش بدون أعمال مرهقة شاقة، لو أعدت إلى ذلك الزمن كل ما ستناله هو المساواة مع الجميع، حيث أن الحميع كان في حالة عبودية عمل لا تنتهي بلا أي جني إلا ثمار اليوم القليلة، ولكن تصوير الوثائقيات والأفلام ينحصر على الجميل من الأمور، ولذلك نغتر كثيراً بهذه الفتؤات ونعتقد أننا سنعيش عظمتها بالرجوع إليها.
تغليب للهندسة والأساطير والفلك
لا أحد يبني الاهرامات ويبحث مثل تلك التماثيل، ويؤسس دولة قبل مفهوم الدول، ويؤسس قوانين بناء علي أساطير، التقدم العلمي هو مفتاح اي حضارة كانت علي وجه الأرض؛ اما سبب دمار الحضارات هو الإيمان بالأساطير والخرافات وتغليبها علي العلم.
جميعها كانت محصورة فقط بالمقتدرين الذين يستطيعون تحمّل تكاليف العيش بدون أعمال مرهقة شاقة
اي عصر قبل عصر القرن العشرين هو عبارة مجموعة من الأعمال المرهقة والشاقة، وانا لو سأعود الي هذا العصر اريد ان التحق بمدرسة عند الكهنة، أريد ان اتعلم أمور مثل سر التحنيط، والرياضيات والفلك منهم، أريد ان افهم نظرتهم للحياة، ولن أعود لكي أعمل نحات او مزارع.
حالة عبودية عمل لا تنتهي بلا أي جني إلا ثمار اليوم القليلة
حتي في العصر الحاضر الكثير من الناس ما زالوا يعانوا من تلك النقطة بسبب عدم عدالة توزيع الثروات، مع اننا وضعنا الحال أفضل.
دائما ما أجد نفسي أحب أن أعيش في أي فترة زمنية أقرأ عنها أو أشاهد فيلما يصورها لكي أفهم أكثر أحداثها وتجلياتها، لكن إذا خيرتني في ذلك فسأختار فترة البعثة النبوية، ولكي أعيش مع رسول الله وأتعرف عليه أكثر.
الجميع يختار بعثة النبي، هذا خيار أكيدي بديهي، من لا يريد أن يشهد نقطة تحوّل تاريخية مؤثرة مثل هذه وخاصة أننا مسلمين؟ ولذلك لو خيّرت اختيار أمر كمرتبة ثانية بعد هذا الخيار ماذا ستختاري؟ ولماذا؟ أي فترة هي التي تغريكي أكثر لتعيشيها بعد فترة الرسول الكريم؟
بصراحة أريد ان أعيش في عصر نبي الله سليمان فهذه الفترة كان بها العديد من الأمور الخارقة للطبيعة من القصص التي وصلتنا عن طريق القرآن وحتى بعض الاسرائيليات التي لا تتعارض معه.
ستشهد أمور خارقة فعلاً للطبيعة، جن وطيور تخدمه، جبال ورياح ومكونات طبيعية كثيرة قد تتحرك لأجله، هذه الحقبة هي أكثر فانتازية من فانتازية مسلسلاتنا وأفلامنا حتى الحالية، خاصة أنه يملك كان قدرة التلكم مع الحيوانات، لا أعرف الصراحة أجمل من هذه الخاصية التي منّ الله عليه فيها، أتصوّر لو كنت أستطيع التخاطب مع كلبي مثلاً، أيّ شعور كان يعيشه من يحيطون بهذا النبي!
دائماً ما أفكر في هذا الأمر ولكن بمجرد تفكيري في إحدى مزايا عصر قديم تأتي في مخيلتي إحدى السلبيات التي كان يعاني منها شعب ذلك العصر، على سبيل المثال: تمنيت يوماً أن أعيش في العصر الفيكتوري، فقد جذبتني كثيراً ملابس نساء الطبقة العليا فيه، ولكنني تذكرت ما كانت تعاني منه المرأة في هذا العصر من ظلم وحرمان فكرهت ذلك العصر.
لذلك أرى أن أفضل عصر أحب أن أعيش فيه هو عصرنا الحالي، فالله سبحانه وتعالى اختار لكل منا العصر الذي يناسب ظروفه وقدرته على التحمل.
من أجمل ما قرأت ولامسني، هذا ما أقوله تقريباً يومياً للأشخاص الذين يعشقون الزمن الجميل، أقول لهم أنه لا جميل ولا شيء وفيه الكثير من العيوب ولكن الإنسان للأسف حين يتعامل مع الماضي يغربل سيئاته وحين يتعامل مع الحاضر يغربل حسناته، فيضع نفسه في فخ حقيقي لا معنى له يجعله متعلق بأي شيء في الماضي مهما كان في ياطنه مؤذي فعلاً
عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم. كثيرًا ما أتمنى لو كنت من صحابياته الجليلات.. لكن هذا لن يتثنى لي خلال يوم واحد فيكفيني أن أراه وأسأله بعض الأسئلة وأعود لعصري الحالي.
كنت أقول لكل شخص يختار هذه الحقبة بأن هذا الأمر بديهي وأطلب منه اختيار حقبة أخرى، ولكن بما أنك قلت أنك ستسألي الرسول بعض الأسئلة فقد أشعل هذا الأمر فضولي في طبيعة هذه الأسئلة، أتمنى أن تشاركينا إياها خاصة لو كان لها علاقة بعصرنا الحالي ومتصلة معه.
بأن هذا الأمر بديهي وأطلب منه اختيار حقبة أخرى،
لم أتوقع أن يتمنى كثيرون العيش في تلك الفطرة. هل هناك من يود دخول الغزوات والقتل؟ هل كل الناس أصبحت تحب الجهاد؟
أتمنى أن تشاركينا إياها خاصة لو كان لها علاقة بعصرنا الحالي ومتصلة معه.
والله أشياء كثيرة، ولكن أول شيء خطر ببالي هو إسقاط على وصيته -صلى الله عليه وسلم-، كنت سأسأله كيف التعامل مع من لم يستوصوا بنا خيرًا؟
أقصد معكم أنتم نعم. أصبحت معقدة بسببكم وكثيرات مثلي في الحقيقة.
في القسم الأول من كلامك لا أعتقد أن نسبة العنف في التاريخ المقصود كانت أكثر من ٣% من وقت البعثة كلها ولذلك لا أعرف سبب اعتمادك على هذه النسبة الضئيلة كعنوان لهذه الفترة.
أما في القسم الثاني فالأمور واضحة برأيي ولا تحتاج لأن ترجعي ١٤٠٠ عام لتسألي عنها، الحل هو أن تفعّلي مباشرةً الاهتمام بذاتك وأن تبدأي مباشرةً بالانضمام إلى الفتيات الذين في سعي دائم لتحصيل حقوقهم بكل الطرق الراقية من محتوى على السوشال ميديا، من نشاط قانوني رادع، من توعية محتمعية، الطريق طويل؟ نعم. ولكنه طريق وحيد.
التمشية قليلا في في الأندلس، أو بغداد المدورة، تحت الأضواء الجميلة، وحولنا المناظر الخلابة، نستمع إلى ضحكات الناس وقصصهم. يلي ذلك، مشاهدة مسرحيات شكسبير كما قدمها هو، أعتقد سوف تكون تجربة سينمائية متميزة من عصر ما قبل السينما. أحب أن أكون في عهد الرسول، لكن الرسول الكريم لم يهنأ طوال حياته وعاش ومات في ظل صراعات، لا اعتقد أن يوم واحد لي سوف يؤثر في شيء (لن أكون من المجاهدين مثلا). أيضا أحب أن أكون في عهد حرق وخنق النساء بالقرون الوسطى، سوف استمتع كثيرا بمشاهدتهن، وربما اشتركت في المطاردة والمحاكمة، والإعدام / القتل / الإبادة. وعموما التاريخ ليس فيه كثيرا مما يسر، لكني أحب أن أعيش في حي الجمالية عصر الفتوات، غالبا سوف أكون كاتب، بالإضافة إلى كوني مرافق لأحد الفتوات أو واحد من رجالته (لا أقول فتوة، أو ذراعه اليمين، لكن ربما واحد من رجاله المفضلين). هذه خمس أيام، اليوم السادس واستكمالا للرقم ستة، الرقم الذي أحبه، ربما يكون في عام 1818 حيث بدأ كل شيء تقريبا نعمل به في عصر الحداثة الآن.
أيضا أحب أن أكون في عهد حرق وخنق النساء بالقرون الوسطى، سوف استمتع كثيرا بمشاهدتهن
هذا أغرب وأعنف رد قد قرأته منذ فترة، أسرح لي الأمر وهذه الحقبة بالضبط، لماذا قد تستمتع في مشاهدة هذه الأمور المنافية لكل طبيعة إنسانية؟! هل هناك سر من وراء كتابتك وصياغتك لهذا الحدث بهذه الطريقة؟ متحمس لسماع ما عندك عن هذه الفترة التاريخية!
لا أعتقد العقلانية هي من تحدد ذلك، بل الحب والشوق والفضول والرغبة في الاتصال مع إنسان كان نقطة فاصلة في تغيير العالم بكله، بالعموم أنا من يختار هذا الخيار البديهي أسأله مرة أخرى عن الخيار الثاني الذي يمثّل بالنسبة له فترة تاريخية يحب أن يعايشها أيضاً في التاريخ الإنساني. لو كان هناك مرتبة ثانية بعد اختيار حقبة النبي ماذا ستختار؟
تاريخيا أميل إلى عهد اخناتون في الحضارة المصرية القديمة، لمتابعة المجتمع وما حدث فيه من تغيير وطرح أسئلة جديدة لم تكن طرحت وخاصة محاربته الأسطورة عن رع كانت مرحلة ملحمية فكريا، وخلدها نجيب محفوظ في رواية الباحث عن الحقيقة.
طرح مختلف! - فترة أخناتون لا أعرف عنها شيء تقريباً، بأي اتجاه كانت تقريباً تدور هذه الطروحات الجديدة في الأسئلة الذي تتحدث عنها؟ وذكرت أنها كانت فترة ملحمية فكرياً وهذا صوّر لي أن هناك صراع، ما طبيعة ذلك الصراع الفكري الملحمي الذي كان يحدث في تلك المرحلة؟ مصر غنية بالتاريخ دوماً ولازالت تفاحئني، ضعني بصورة الفترة من قرائتك عنها إن أمكن بضوء تساؤلاتي السابقة.
اخناتون كان أول ملك لمصر يغير مفاهيم العبادة فيما يخص الألهة ورفض فكرة التعددية وكان ساخطا على عبادة الإله رع إله الشمس وباقي الألهة ونادى بإله واحد وهو أمون رمزية إلى القمر ولكن ليس القمر بمعناه الحرفي هو كان يقصد الضوء الذي يأتينا في الظلام ولكن بعد فترة قليلة تم الانقلاب عليه من قبل كهنة رع وكيف أنه يريد أن يغير المعتقدات المتوارثة حتى قضوا عليه وعزلوه في مدينته بعيدا عن المجتمع. قصة ووقت تاريخي مهم جدا على المستوى الفكري، وكذا حقب كثيرة في الحضارة المصرية القديمة تحتاج إلى سنين للتحدث عنها فقط، صراحة الحضارات القديمة جميعها تجذبني ولكن هذه المرحلة بالتحديد تستثير عقلي دائما.
التعليقات