في رحلتنا في العمل الحر، وصلنا جميعاً إلى نقطة تساؤل: هل يجب أن نرفع أسعار خدماتنا، أم أن ذلك قد يؤدي إلى خسارة العملاء؟ بعض المؤشرات التي جعلتنا نفكر في ذلك كانت زيادة الطلب على خدماتنا، امتلاء جدول العمل بشكل مستمر، أو شعورنا بأن الأسعار الحالية لا تعكس قيمة مجهودنا. رغم ذلك، لم يكن القرار سهلاً، فقد كنا نخشى أن يؤدي أي تغيير مفاجئ إلى تقليل فرص العمل. لذلك، بدأنا في رفع الأسعار تدريجياً، مع تحسين جودة خدماتنا لتبرير الزيادة. لكن كيف يمكننا تحديد اللحظة المناسبة لاتخاذ هذه الخطوة دون التأثير على استقرار عملنا؟
كيف أعرف أن الوقت قد حان لرفع أسعار خدماتي؟
من تجربتي أن بدأت الرفع من المشاريع الأقل تأثيرا على عائدي المالي وهذا لأن هذه المشاريع صغيرة وعندما يكون لدي جدول مزدحم أو هناك فرصة للعمل على مشاريع أكبر بالطبع يجب أن أختار في النهاية ما يحقق لي عائد أكبر وبالتالي رفع السعر ضرورة إذا كنت سأعمل في أي مشروع، ولهذا أنا أحاول أن تكون فترة رفع السعر هي نفس فترة تدفق المشاريع لكي أضمن تجنب الخسائر وبالنسبة للمشاريع الكبيرة المستمرة أنا أجعل بعض المرونة بحيث أن أمهد للعميل قبلها حتى يضع الزيادة في الحسبان وأعطيه وقت حتى يكون قادر على توفيرها وكذلك أشرح له أسباب الزيادة وكيف أن ستنعكس على سرعة وجودة الخدمة المقدمة له، كذلك أضع في الاعتبار حدود العميل إذا كانت قريبة من السعر الذي وضعته فالبعض قد تكون نهاية ميزانيته تقل بمقدار بسيط عن الزيادة التي طلبتها وبالتالي لا أصمم على المبلغ الذي وضعته.
لكن هل تجدين أن بعض العملاء قد يستغلون ذلك للتفاوض المستمر وعدم تقبل الزيادة؟ في بعض الحالات، يكون وضع حد واضح هو الحل لضمان استمرارية العمل دون الحاجة لمناقشات متكررة حول السعر.
في الغالب لا أميل لرفع سعر الخدمة، ما دمت أشعر بأن السعر الحالي مناسب لمجهوداتي، وخبراتي، ولطبيعة الخدمة كذلك..
لكن إن شعرت بعكس ذلك، فالخيار الأول هو رفع السعر، لكن مع الحرص على ألا يكن ذلك الرفع مبالغا به؛ فهناك سوق عمل يحكم الجميع بالنهاية..
هل واجهتِ موقف اضطررتِ فيه لتغيير رأيك بسبب تغييرات غير متوقعة في السوق أو زيادة تكاليف العمل؟ أحياناً تكون هناك عوامل خارجية تجعل الثبات على نفس السعر غير ممكن على المدى الطويل
ليس موقف، إنما ملاحظة غريبة نوعا ما، وهي إهمال بعض العملاء للعروض المنخفضة، مثل إهمالهم للعروض المبالغ بها!
وصراحة لا أدري سبب مباشر لذلك، حتى ظننت أنهم قد يعتبرون تلك الأسعار المرتفعة نسبيا، دليلا على خبرة صاحبها وثقته بإمكانياته!!
لاحظت ذلك بالفعل في بعض العروض، حيث قدّمت سعر يعتبر مرتفع مقارنة بالسوق، لكنني كنت واثق من خبرتي وقدرتي على إنجاز العمل بكفاءة. المفاجأة كانت في تواصل العميل معي واختياري دون تردد، وربما كان عرضي مقنع، أو لم يجد خيارات أفضل. لكن ما لفت انتباهي هو قبوله بالسعر مباشرة دون أي تفاوض، مما يؤكد أن القيمة وجودة الخدمة تلعبان دور أكبر من السعر وحده في قرارات بعض العملاء.
ازدياد الطلب عليك
فمثلا لو كان سعر الخدمة 20$ وتحتاج يوم لاكمالها. وانت خلال الاسبوع تتلقى اكثر من 14 طلب
فانك تستطيع رفع سعر خدمتك الى 50$ وهي تحتاج يوم لاكمالها، سينخفض الطلب عليك ليصل مثلا الى 5 طلبات في الاسبوع. رغم انها اقل لكن مكسبك اكبر. وتستطيع تفريغ باقي الوقت لكسب المزيد من الخدمات حتى تتمكن من رفع قيمتك
لكن من وجهة نظري، قد يؤدي رفع السعر بشكل مفاجئ إلى تراجع ثقة بعض العملاء الجدد أو حتى فقدانهم. في هذه الحالة، ربما يكون من الأفضل رفع السعر تدريجياً على مدار الوقت، بحيث تضمن استمرارية الطلبات وفي الوقت نفسه تزيد من أرباحك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحسين جودة الخدمة والوقت المستغرق في تنفيذها، مما يجذب العملاء الذين يكونون مستعدين لدفع المزيد مقابل خدمة أفضل
أرى أن هناك عاملين أساسيين يؤثران في رفع أسعار الخدمات الأول هو المدة، فمع مرور الوقت واكتساب الخبرة، يصبح الإنجاز أسرع وأكثر كفاءة، ولا يمكن الاستمرار في تسعير العمل فقط بناءً على الجهد المبذول دون مراعاة قيمة الخبرة. الثاني هو القيمة المضافة أو جودة العمل، فكلما أصبحت الخدمة أكثر احترافية وقدمت حلول أفضل، كان من الطبيعي أن ينعكس ذلك على السعر. رفع الأسعار ليس مجرد مخاطرة، بل خطوة منطقية إذا كانت مدعومة بتحسين الجودة وتقديم تجربة تستحق التكلفة الإضافية، مع الأخذ في الاعتبار قدرة العملاء على تقبل هذا التغيير.
أعتقد أن عامل التسعير يجب أن يشمل أيضا التحليل المستمر للسوق. بمعنى آخر، ليس فقط زيادة السعر بناءً على الخبرة أو الجودة، ولكن أيضاً مواكبة التغيرات في طلب السوق والمنافسة. لو كانت الخدمات المقدمة تتماشى مع الاتجاهات الحديثة وتلبي احتياجات السوق، فإن رفع السعر قد يكون مبرراً تماما. ولكن إذا لم يكن هناك تفاوت واضح في الخدمة مقارنة بالمنافسين، قد يجد العميل صعوبة في تقبل الزيادة، رغم أنها مبررة من الناحية المهنية
الوقت المناسب لرفع أسعار خدماتك يعتمد على عدة عوامل. إذا بدأت تلاحظ زيادة في الطلب بشكل مستمر، أو أصبح جدولك ممتلئًا بالكامل لفترات طويلة، فهذا مؤشر قوي أنك قد تحتاج لزيادة الأسعار. أيضًا، إذا شعرت أن الأسعار الحالية لا تعكس القيمة الحقيقية لمهاراتك وجودة عملك، فقد حان الوقت لتحديث الأسعار. يمكن أيضًا مراقبة ردود فعل العملاء الحاليين، فإذا كانوا راضين عن الخدمة وكانوا مستعدين للدفع مقابل الجودة، فهذا يعني أن الزيادة قد لا تؤثر سلبًا. رفع الأسعار تدريجيًا، كما فعلت، هو خيار حكيم لأنه يتيح لك الحفاظ على استقرار عملك مع تحسين الجودة لتبرير الزيادة.
رفع الأسعار بناءً على زيادة الطلب من العملاء خطوة جيدة، لكن هل لاحظتِ تأثير ملموس على جودة الخدمة بعد رفع الأسعار؟ أحياناً، قد يؤدي رفع الأسعار إلى توقعات أعلى من العملاء، مما يتطلب منك تحسين الخدمة بشكل مستمر لضمان أن القيمة التي تقدمينها تتماشى مع الزيادة
أوافقك الرأي تمامًا في أن رفع الأسعار يمكن أن يرفع من توقعات العملاء بشكل كبير، مما يضع ضغطًا إضافيًا على تقديم خدمة متميزة.
لكن على الرغم من أن رفع الأسعار قد يزيد من التوقعات، إلا أنني أيضًا لاحظت أن بعض العملاء الذين كانوا يتعاملون مع الأسعار القديمة قد بدأوا في مغادرة الخدمة بعد الزيادة. ذلك يمكن أن يكون بسبب أن التغيير لم يكن يناسب ميزانياتهم أو لأنهم لم يشعروا بأن القيمة الإضافية كانت ملموسة.
المهم هنا هو التوازن بين زيادة الأسعار وتحقيق القيمة الحقيقية للعميل. فرفع الأسعار دون تحسين الخدمة قد يؤدي إلى فقدان العملاء، لكن تحسين الخدمة دون رفع الأسعار قد يؤدي إلى تقليل العائدات.
التعليقات