قبل حوالي شهر، راسلني أحد العملاء الأفاضل يسأل عن كتابي (استراتيجيات ذكية لاحتراف الشطرنج)، مستفسراً حول ما إذا كان مناسباً لتعليم الصغار (أحد أفراد أسرته) أساسيات لعبة العباقرة وصولاً إلى الاحتراف. فكيف تصرفت؟

 قرأت رسالته بعناية، وقررت ألا أبيعه الكتاب مباشرة، بل فكرت بحل يناسب احتياجاته ويلبي توقعاته أكثر، كون الصغار لا يميلون إلى مطالعة الكتب عادة، ويصعب عليهم أحياناً استيعاب بعض المعلومات دون شرح وتطبيق عملي.

لهذا كله، ولأن هدفي هو استفادة العملاء من خدماتي، طرحت على المشتري فكرة شراء خدمتي الثانية (دروس شطرنج عبر زوم)، لأشرح عبر جلسة صوتية كيفية تطبيق أفكار الكتاب بشكل عملي، مع تقديم الكتاب بعد تسليم الخدمة كهدية.

 خلال حوالي ساعتين من رسالتي الأخيرة، اشترى العميل درساً واحداً بمبلغ (10) دولارات، لأبدأ حصتي الأولى مع الطالب الشاطر بعد يوم أو اثنين حسبما أذكر. ومن هنا بدأت رحلة جديدة لم تكن أحداثها متوقعة على الإطلاق.

 بعد تقديم الدرس الأول من صميم القلب (تأكدت يومها كم أنا شغوف بتعليم الآخرين ما أعلمه)، أعرب العميل عن جزيل شكره، وترك تقييماً مفرحاً، ثم عاد ليسأل عن مزيد من الدروس، مشيراً إلى أنه يود الاتفاق أولاً على الوقت والسعر.

أخبرت المشتري أن السعر نهائي لأن الرسوم مخفضة أساساً. لكن بعد تلك الرسالة أدركت أنني قد أفقد عميلاً رائعاً بتعامله ودقة مواعيده، فخفضت سعر الحصة إلى (5) دولارات ليرى الرسوم الجديدة، وأعلمته بالأمر فور تواصله مجدداً.

 بعد حوالي (10) أيام، عاد العميل ليشتري الخدمة على فترات متقاربة (5) مرات إضافية، ليصبح المجموع النهائي حتى لحظة نشر هذا الموضوع هو (6) دروس؛ الدرس الأول بمبلغ (10) دولارات، تليه (5) دروس بمبلغ (5) دولارات لكل درس.

 كعادتي عند تقديم الخدمات التعليمية، لم ألتزم بتخصيص ساعة واحدة فقط لكل درس، بل كنت أواصل الحصة لمدة أطول قليلاً وأنا مستمتع بكل لحظة، إلى درجة الإحساس بأن الوقت الذي قضيته كان مجرد دقائق معدودات لا أكثر.

 والجميل في الأمر أكثر، هو أن خدمة الشطرنج التي أقدمها ليست مرتبطة بمجال الكتابة الذي أعتبره تخصصي الأساسي، بل هي أشبه بغنمة خرجت عن القطيع، ومع ذلك بيعت مرات عدة، ما يدل على أن تقديم خدمات متنوعة يعزز فرص الكسب.

 تجربة سارة تسلط الضوء على أفكار هامة، أبرزها:

1) احرص على تلبية احتياجات العميل، لا مجرد الكسب المادي.

2) قدم قيمة مضافة لخدمتك لتحفز العميل على طلبها، وتكرار الشراء.

3) كن مرناً بخصوص الأسعار مع المشترين الذين يتعاملون معك بطريقة راقية.

4) لا تعد بأكثر مما تستطيع تقديمه، وكن على استعداد لتقديم أكثر مما وعدت به دون مبالغة.

5) تخصص في مجال واحد لتحقيق أقصى درجات الإتقان، لكن لا تحرم نفسك من فوائد تنوع الخدمات عبر خمسات. فإذا توقفت مبيعات خدمة معينة مؤقتاً، يمكن أن تحقق خدمة أخرى بمجال مختلف نتائج جيدة، وهكذا دواليك.

 إن النجاح لا يتحقق بمجرد بيع الخدمات بشكل عشوائي، بل يأتي من قدرتك على فهم وتلبية احتياجات المشترين. فعن طريق تقديم قيمة حقيقية ومضافة، والمرونة بالتعامل، وتجاوز التوقعات، يمكنك بناء علاقات دائمة ومثمرة مع عملائك.

هل لديك تجربة نجاح تجاوزت توقعات الآخرين بطريقة غير متوقعة؟ شاركنا تجربتك في التعليقات!