أفة مجتمعنا ليس النسيان كما قال الأديب العالمي نجيب محفوظ، بل التهويل. التهويل في كل شيء كذبًا كان أو صدقًا، حتى المعلومات التاريخية يجب تأويلها بشكل مبالغ فيه، شكل يختلط فيه المنطق مع الخيال، شيء يظهر هذا المحارب الشجاع كبطل أسطوري لم ولن يظهر مثله في الزمان. بشكل يجعل المطلع من بعيد يقول اين أنا من هذا الرجل الخارق وأنا مجرد شخص بسيط.
أتذكر مناقشتي مع أحدهم ذات يوم، كنا نتحدث عن إحدى المعارك التي خاضها العرب، تحدثنا عن إنجازات المعركة، وأهميتها في التاريخ الحديث، وكان كل شيء يسير بسلاسة مطلقة، حتى ذكر هو مقولة على لسان أحد الشخصيات الهامة التابعة لجيش العدو، رغبت أن أصحح له هذه المعلومة، وأخبره أنه لا يوجد أي إثبات مصور كان أو مكتوب عن هذا التصريح، ولا حتى تم ذكره فى الأوساط القريبة أو الإخبارية الهامة، فقط بعض المنشورات الحماسية على الفيس بوك التي لا أصل لها ولا تتبع باي مصادر، لا أعرف تحديدًا ماذا فعلت؟ ولكني كمن أطلق الوحش داخله، تغيرت ملامح وجه الودودة ، ونظر لى بغضب، ثم قام بتصنيفي... هكذا بكل سهولة، صنفني بأنني اتبع الاتجاه الحديث في رفض كل ما هو قديم، وأشكك في التراث من باب التشكيك ليس أكثر!
لا أعرف لماذا يتم تصنيف أحدهم في إحدى خنادق الرأي بمجرد أن يختلف معك؟
ألا أستطيع أن أختلف وأكون مها.. فقط مها!
قلت له أنه لا داعى لتهويل، نعم ربحنا، ونعم كانت معركة فاصلة، ولكن هذا التصريح من الممكن أنه لا وجود له على الإطلاق، فما الداعي لذكره كأنه حقيقة مؤكدة؟، قام بتصنيفي مرة أخرى، ثم تابعها قائلًا ماذا سيضرني إذا كان حقيقيًا ام لا؟ ما دام هذا التصريح يلهب الحماسة، ويثير الشماتة وروح النصر في نفوسنا فلا بأس.
أجبته ولماذا نقوم بهذا من الأساس؟! روح النصر موجودة بالفعل وتم توثيقها، لديك مئات الحقائق الأخرى التي تستطيع أن تقوم بنفس النتيجة، لما نخترع أشياء ليست موجودة، أو على الأقل مشكوك في صحتها؟
إذا رغب أحدهم في تقصي حقائق واقعة ما ووجد العديد من الأكاذيب، ألن يجعله هذا يشكك فيما تبقى، حتى لو كان صحيحًا؟
لماذا نضع نفسنا عرضة لهذه الدوامة من الأساس والحق معنا؟ ألم نصدم في أشخاص عامة في حياتنا بما فيه الكفاية بسبب هذا التهويل؟
قام بتصنيفي مرة أخرى وغادر، تركني أنا مع سؤال واحد يشغل عقلي
التعليقات