نجحت إسرائيل فى حجز مكان لها في صفوة العالم المتقدم، واستطاعت في وقت قصير أن تصبح مقصد الكثير من محبين التكنولوجيا والتقنيات المتطورة، وكانت كلمة السر لكل هذا الإنجاز هي وحدة 8200.
تجربة وحدة 8200
ادركت إسرائيل بعد هزيمة 73 ان الحرب القادمة ستكون حرب معلومات في المقام الاول، فعمدت على الاستعداد لها أتمه الاستعداد، فأنشأت وحدة 8200، الجناح التكنولوجي عالي المستوى التابع للمخابرات الإسرائيلية الموساد، والمتخصص بفك الشفرات والإشارات الإلكترونية. والذى استطاع في وقت قصير جداً ان يصبح ثاني الأجهزة العسكرية في مجال التصنت في العالم بعد الولايات المتحدة.
هذا الإنجاز السريع لم يكن من باب المصادفة، بل عن طريق تخصيص ميزانية كبيرة للبحث العلمي داخل الموازنة العامة للدولة، حيث طبقًا لمركز الإحصاء التابع لليونسكو، فأن عدد الباحثين الإسرائيليين 8250 باحث لكل مليون نسمة، بينما يبلغ إجمالي النفقات السنوية الذى ينفقها الكيان الصهيوني على البحث العلمي والتطوير تبلغ 4,2% من إجمالي الناتج القومي، بفارق 2 من عشرة عن الدول العربية، والتي يصل مجموع ما تنفقه مجتمعة على البحث العلمي 4%، لتصبح إسرائيل بذلك الثانية دوليًا في مجال الاهتمام بالبحث العلمي والتطوير بعد كوريا الجنوبية.
تلك الميزانية الضخمة قد تم تخصيص جزء كبير منها في تدريب الشباب المنضمين لوحدة 8200, حيث يتلقى الشباب التدريب على أحدث الأجهزة والتقنيات التكنولوجية التي تواكب العصر، وبجانب هذا يحرص القائمين على إدارة وحدة 8200 على توفير المناخ الإبداعي البعيد عن حياة الجيش العسكرية والمناسب لأفضل العقليات الشبابية ذكاء وتفوقًا.
إسرائيل تجنى ثمار وحدة 8200
في وقت ما أنشغل العرب بتفاخر بالماضي أو البكاء على الأطلال, كانت إسرائيل تحصد ثمار ما زرعته منذ سنين بالاهتمام بالتكنولوجيا والبحث العلمي.
بعدد 5000 شخص يتم تدربيهم سنوياً على أحدث التقنيات العلمية والتكنولوجية، وتهيئتهم لكافة متطلبات السوق، استطاعت إسرائيل ان تتحكم في السوق العالمي لتكنولوجيا الرقمية، حيث تأتى إسرائيل في المركز الثالث عالمياً بعد الولايات المتحدة والصين في عدد الشركات المنضمة إلى بورصة ناسداك Nasdaq المتخصصة في عالم التكنولوجيا، بواقع 98 شركة. كما روجت إسرائيل لنفسها بانها المكان الذى يرحب بكل سبل التطور والتطلع إلى المستقبل، فتمكنت من جذب أكثر من 80 شركة عالمية إلى ارضها، لتصبح تل ابيب ثاني أكبر مركز تكنولوجي في العالم بعد وادى السليكون الأمريكي.
خروج الشركات الناشئة من رحم وحدة 8200
أدركت إسرائيل سريعاً ان العقول الشابة التي تغذيها يجب ان تستفيد منها على أكمل وجه، لذلك أطلقت ما يسمى بحضانات المشاريع التكنولوجية، وهو مشروع خاص يعمد على مساندة الشباب في افكارهم الخاصة بالمجال التكنولوجي، عن طريق توفير الدعم المالي والتقني المناسبين. وكان لهذا أكبر اثر على الاقتصاد الإسرائيلي حيث ساعد ذلك في ظهور 4000شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا و ارتفاع حجم السوق الاستثماري الإسرائيلي في المجال التقني بواقع 24 مليار دولار، حيث أصبحت المجالات التكنولوجية الجديدة تمثل 75% من النشاط الاقتصادي الإسرائيلي بينما تمثل45% من الصادرات.
و الآتي هم أمثلة لشركات التكنولوجية الإسرائلية الرائدة التى غزت الأسواق العالمية:
تشيك بوينت check point : الأولى عالمياً في مجال تأمين المعلومات.
موبيل اي mobileye: شركة عالمية متخصصة في مجال وسائل النقل، حيث يتم استخدام تقنياتها في السيارات ذاتية القيادة وتنافسها في ذلك المجال شركة غوغل Google الشهيرة.
أوربوتك Orbotech: من الشركات الرائدة في عالم صناعة الإلكترونيات والتي يلجأ اليها أكبر الشركات العالمية لصناعة العناصر الإلكترونية الخاصة بها.
سملر ويب SimilarWeb: وهى شركة معنية بالقيام بالعديد من الدراسات والبحوث عن الحركة فى الأنترنت وتوفيرها للعملاء، بالإضافة إلى قياس معدلات الحركة والمكوث في أكثر من 80 مليون موقع.
بايونير PAYONEER : أكبر منافسين شركة باى بال paypal في مجال المدفوعات المالية الإلكترونية.
لم يفت الاوان بعد.
ربما قد سابقتنا إسرائيل بشوط كبير في مجال الإلكترونيات، ولكن هل هذه هى النهاية ؟ بالطبع لا، فالمؤشرات الرسمية الأن توحى ان نسبة الاهتمام بالبحث العلمي في الدول العربية في تزايد، بالإضافة إلى ارتفاع الوعى المجتمعي في مجال الإلكترونيات والتقنية وخاصة عند الأجيال الصاعدة، اما بالنسبة للعقول فلا يمر يوماً الا ووجدت عربياً لمع نجمه في الأوساط العالمية، لذلك دعني اتشارك معك التساؤل، ماذا ينقصنا لنصبح أفضل من اسرائيل؟
التعليقات