كالعادة سلسلة "الجنون ١٠١" غير مناسبة للمصابي بأمراض القلب والأطفال وأصحاب النفس القصير ومن يبكون في السينما على أفلام twilight، هذه الرسالة مسجلة.. يرجى الإتصال بالأرقام التالية في حالة الهلاوس السمعية أو البصرية او الدينية، لا تحاول صلب نفسك فداءً للبشرية او الصراخ أنك المهدي المنتظر، أو إخصاء زميلك في العمل لمنع جيناته القذرة من الإستمرار على هذه الأرض، وأخيرًا طعم الدماء ليس كما تتخيله، أعصابنا تعبت، موضوع اليوم صعب وشاق ومقزز لأقصى درجة لذا لا تقرأه أريح للجميع وشكرًا، وهذا الجزء تمهيدي ممل وطويل ليس على شاكلة باقي اجزاء السلسلة لذا ستكون التعليقات مفيدة حقًا إذا ما أردتم أن نبدأ بأجزاء تمهيدية مثل هذه أم نتجه للأجزاء المثيرة مباشرة.

يسمع صفير القطار منذرًا أن محطته قد جاءت، ينزل من القطار فيستشعر صقيع يناير، يبحث عن الدفء حوله فلا يجد، يجتهد في الضغط على أعصاب عينيه حتى يجد فأرًا هاربًا يبحث عن الجبن، وهو قط جائع لم يذق الطعام منذ أسابيع، يتحسسه جيوبه ويخرج قطعة جبن من إحداها، يقترب من الفأر فيشم قطعة الجبن في خوف، "لا تخف اقترب" قال مخترقًا إياه بناظريه "أعلم انك جائع، تغلب غريزة البقاء خوفه فيقترب ويهجم على الجبن، فيفتت له الجبن على طول الطريق إلى جحره فيتبعه الفأر المسكين، وحالما يدخل الجحر ينقض عليه القط ويطبق بفكيه على عنقه حتى يستخرج "تفاحة آدم" فهو الآخر جائع لم يأكل من أسابيع، ويشعر بالإنتشاء والدماء الدافئة ترطب المريئ ويشعر بدفئها إذ تقطرت على جدار معدته، ويبدأ بالتفنن في تقطيع وجبته وإضافة البهارات إن شاء، وأكثر الأجزاء التي يميل لها هي القلب.

أعتقد أن كل هذا طبيعي بالنسبة لأي منا -إلا آكلي الأخضر المترفعين عن البروتين الحيواني، فما ذُكر هنا هو طبيعي في المملكة الحيوانية، الإفتراس بين الانواع المختلفة هو القانون والعرف في غابتنا، ولكن لما شعرت بالإشمئزاز؟ ما رأيك إن كان القط يلتهم قطًا آخر؟ هل إضفاء بعض البشرية عليهم أثارت فيك شيئًا ما؟ أتدري أن هذا مجرد بروتين لا أكثر؟ لما تغيظك فكرة أن تأكل لحم أخيك ميتًا؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه اليوم.

مقدمة بسيطة

ألم يفكر أحد يومًا في وضع مصطلح بالعربي للكلمة؟ أنا أعاني هنا في تكرار "اكل لحوم البشر" كل مرة، سأخترع مصطلحًا ما، فليكن الإفتراس النوعي، أو التأرمل نسبة للأرملة السوداء التي تأكل زوجها ويكون اسمهم المتأرملون ومتأرمل، أو امتلاخ من امتلاخ اللحم عن العظم وبالتالي ممتلخون وممتلخ وممتلخة، واللفظ يكاد لا يستعمل تقريبًا فأعتقد يمكننا إعطائه هذا المعنى، اللهم إلا لو كان هنالك جزار يستعمل هذه اللفظة في بلد عربية ما، وسأضع إقتباس في النهاية لمعاني الكلمة من لسان العرب.

أكل لحوم البشر :"Human cannibalism": هو الفعل الذي يقوم به أحد البشر بأكل جزء أو كل جسد انسان آخر، وفي المعنى العام تعني "cannibalism" أكل أي فرد من نوع ما جزء او كل من فرد آخر من نفس نوعه، وتنسب اللفظة الإنجليزية لقبائل "كالينجاو" ساكني جزر الكاريبي وخاصة جزر الأنتيل الصغرى والذين يطلق عليهم بالأسبانية Caníbales، ونسب لهم قصص أكل لحوم البشر المستكشف المشهور كولمبوس، ويُنسب للهنود الحمر والقبائل البدائية في أفريقيا وأستراليا مثل هذه الأفعال حتى وقت قريب، فهل هنالك علاقة بين البدائية وأكل لحوم البشر.

إحدى الدراسات على مدى انتشار ظاهرة "افتراس داخل النوع" في المملكة الحيوانية توضح ان هذه الظاهرة تنتشر بين المفترسات البحرية أكثر من البرية، فالدراسة اكتشفت اكثر من ٨٩ نوع من المفترسات تقوم بهذا الفعل بشكل "طبيعي" -استثنت الدراسة حالات خاصة كالمجاعة وغيرها، ٤٣ نوع منها مياه عذبة و٨ انواع بحرية و٣٨ انواع برية مفترسات و٣٨ من آكلات العشب البرية و١٠ من آكلات العشب البحرية [١]، وتنتشر في الطيور والحشرات والأسماك بشكل واضح وتتراوح بين افتراس بيض نفس النوع أو صغار نفس النوع إلى افتراس بالغين للبالغين، ويميل المفترسون الأصغر سنًا لافتراس البيض بينما الأكبر سنًا لافتراس البيض والأصغر -وأعتقد السبب واضح باختلاف القدرة.

وتتراوح أسباب هذه الظاهرة في الطبيعة للمجاعات أو الرغبة في القضاء على المنافسين وتقليل فرص المنافسة، والكثافة السكانية للنوع ومدى توافر اللقم السائغة [٢]، وفي ورقة بحثية بعنوان "cannibalism in natural populations" حاول دكتور فوكس من جامعة كاليفورنيا إثبات مدى طبيعانية هذه الظاهرة، ووضع شروط وأسباب لظهورها مختلفة عن العادي، ومختلفة عن النظريات الشائعة وقتها عن "المجتمعات الصناعية واثرها على الفرد" والانظمة العمالية وحالات الضغط العالي على الفرد للنجاة، وبدلًا من ذلك أقترح أسبابًا وتفسيرًا يتلخص في أنها حدث طبيعي ومكون من مكونات التركيبة الديموغرافية والسكانية، فاقترح أسبابًا وضعناها بالأعلى، ويمكنك قراءة الورقة من هنا للاطلاع على الأمثلة والتعمق اكثر

والتالي بعض النظريات التي فرضها:

١- المواطن الساكنة والراكدة التي لا تحدث فيها تغيرات كثيرة كالبحيرات والمستنقعات الكبيرة تدعم ظهور ظاهرة اكل لحوم نفس النوع، وباختلاف الموطن يختلل المدى

٢- العوامل المؤثرة : الطعام فإذا قل الطعام زاد وضوح الظاهرة لقلة البدائل، الكثافة: كلما زادت كثافة وازداد الزحام زاد وضوح الظاهرة -حدثني عن المواصلات العامة، الأنماط السلوكية: لم أفهم منها شيئ صراحة غير ان الامهات تأكل الأطفال بلا سبب واضح، الضغط النفسي والجسدي، وهذه كانت بعض العوامل وصراحة غير مهتم بإكمال قراءة الدراسة كلها رغم صغر حجمها.

التقسيمات والتصنيفات [٧]

سأضع عناوين بسيطة هنا سنتعمق فيها على مدار السلسلة ولكن حتى فقط تتضح بعض الأمور.

يقسم العلماء ظاهرة اكل لحوم البشر حسب عدة أسس إلى عدة أقسام:

حسب الضحية

إما ان تكون ضمن المجموعة endocannibalism أو خارج المجموعة أو القبيلة أو ما شابه ذلك exocannibalim

حسب الهدف والدافع

  • أكل لحوم البشر مجاعي: عند الجوع الشديد وحدوث المجاعات، واسمحوا لي ان بوضع مصطلحات إن وافقتم عليها استمررنا "امتلاخ غرائزي" من غريزة البقاء

  • أكل لحوم بشر جنائزي: وفقا لمعتقدات دينية متعلقة بالميت، امتلاخ جنائزي، ويمكن ان يدخل معه ما هو طقسي دون أن يتعلق بالميت مباشرة أو دفنه.

  • أكل لحوم بشر تذوقي "اشتهائي": وهو ما لا يندرج ضمن الدافعين السابقين، امتلاخ اشتهائي

  • يضيف البعض اكل لحوم البشر للإنتقام

  • يضيف البعض السيطرة والهيمنة الإجتماعية كهدف، امتلاخ هيمني

  • أكل لحوم بشر نفسي: حسب الحالة النفسية والعقلية للمرتكب، امتلاخ سيكولوجي

  • أكل لحوم بشر مرضي: بعض الأمراض تعطي المصابين دافع لشرب الدماء وأكل لحوم البشر، امتلاخ مرضي

حسب ما يؤكل

  • أكل أجزاء محددة من الجسم فقط: كالمخ والقلب وهم أكثرها شيوعًا

  • أكل الجسد بأكمله دون تفرقة

  • الإقتصادر على سن معين وجنس معين: أطفال شباب كهول

هذه بعض التصنيفات التي أتذكرها، وسنتحدث عنها لاحقًا كثيرًا.

ابن آدم الجزار (نظرة تاريخية)

ربما يفيدنا في دراسة الظاهر في البشر دراسة وجودها لدى أقربائنا من القردة العليا، وخاصة الشمبانزي الذين ظهر لديهم عدة حالات تدخل ضمن اكل لحوم النوع[٣]، وتحتاج لدراسات متعمقة لم أصل لها، ففي بعض الحالات هاجم  مجموعو شمبانزي ذكور شمبانزي رضيع واكلوه حيا، ومرة اخرى الشمبانزي المسيطر اكل رضيع شمبانزي، وحالات اخرى هوجمت اناث الشمبانزي الغريبة وقتلت الاطفال وأُكلت حية، وظهر ان الذكور الاقدم اصحاب السلطة يعتبرون هذا الفعل دليل على السلطة حتى منعوا الشباب من تكرار فعلتهم وان سمحوا لهم باللعب بها، وحتى صغير شمبانزي اخر كان مع المجموعة المتعدية اكل جزءًا من الشمبانزي القتيل، ويبدو ان اهتمامهم بالاكل لم يكن على ذات قد اهتمامهم بالجريمة نفسها وبالضحية وباكتشافها، ربما شيئ ما هنا قد يفيدنا لاحقًا، القتل للاطفال شائع في المملكة الحيوانية لاظهار السيطرة كما في الاسود، ولكن اكل الاطفال هو الغريب قليلًا والظواهر المرصودة لدى الشمبانزي هي زيادة العنف وزيادة استهلاك الذكور للحوم مع كبر السن بفارق كبير عن الاناث، ويفسر ذلك التصرف بالأعلى قليلا، ربما لاحقًا اذا درسنا حالات تناول لحوم اطفال الصغار ووجدنا ان اغلب اصحابها كبار في السن يمكننا اكتشاف نمط ما، ويمكننا تفسير عادات لدى اقوام باكملها عرف عنها هذه الظاهرة بالتقليد كما حدث في حالة الشامبنزي.

بين أيدينا اليوم ما يعتبره بعض العلماء دليل على حالات أكل لحوم بشر حدثت في عصور ما قبل التاريخ، بل بعض العلماء يرجح "شيوع" هذه الظاهرة لأسباب كفرض السيطرة والسلطة وأسباب دينية أو مجرد محاولات "للنجاة" على هذه الأرض، من الحالات التي يعتبرها بعض العلماء علامات على ظاهرة اكل لحوم البشر:

١-جماجم تفقد اجزاء منها

٢-عظام بشرية بها علامات استخدام ادوات حجرية، اي ببساطة هذه العظام تمت "تشفيتها بالمصري" اي فصل اللحم عن العظم طالما وجدنا بها علامات ادوات حجرية حادة

٣-عظام مقسومة طوليا لاستخراج النخاع

٤-عظام محروقة

٥- نمط من اطراف او عظام مفقودة في البقايا بالموقع (مثل كل الرؤوس مفقودة او كل الايدي) وهو الظاهر اقوى الادلة لان الباقي يمكن ان يندرج تحت حوادث عنف او حوادث طبيعية، وقد تكون هذه الاطراف فقط الموجودة في الموقع.[٤]

وبسبب هذه الإختلافات حول "الدلائل" على حدوث أكل للحوم البشر قديمًا ظهرت عدة مواقع أثرية أدعى البعض أنها حدث بها هذه الظاهرة، ولا يمكن تحديد صحتها أو التأكد منها مئة بالمئة لذا ارتأينا أن نذكر الأقرب للصحة والأشهر.

وفي الورقة البحثية [٤] وضع الباحثون بعض الشروط لإعتبار أي دليل على حدوث اكل للحوم البشر في الاثار التي ترجع للعصر الباليوثي (حجري قديم) او النيوليثي (حجري حديث) تتلخص في الآتي:

١- دليل لا شك فيه على السياق الذي تركت فيه هذه العظام، أو دليل على السياق مستنبط من نتائج تحليل الموقع ومحتوياته، واستخدام طرق دقيقة للحفر وتسجيل كل المحتويات.

٢-وجود عظام بشرية لمعرفة إذا ما احتوت على علامة جزارة وامتلاخ للحم عن العظم.

٣- تحليل مفصل للكسور والخدوش على العظام لاثبات انها حدثت بيد انسان

٤- معلومات عن عادات الدفن لضمان ألا تكون هذه العلامات على العظام ضمن طقس ما لا علاقة له بأكل لحوم البشر

من المواقع التي انطبقت عليها شروط الباحثين موقع كهف "فونتبريجوا" Fontbrégoua جنوب شرق فرنسا، تعود الآثار به إلى الالفية الرابعة والخامسة قبل الميلاد ويمثلان في هذه المنطقة النايوليتي الأول والمتوسط، يحوي الموقع رفات ٧ بالغين و٦ اطفال وغيرهم غير محددين، الفريق الذي نقب في الكهف كتب ورقة بعنوان Cannibalism in the Neolithic -هو ذاته الفريق كاتب الورقة ٤ في المصادر- وذكر فيها أن العظام قد تم "تشفيتها" او "امتلاخها" اي فصل اللحم عن العظم، وفقًا للادلة التي وضحناها بالأعلى -انظر ص٨ في المصدر ٤.

كان غذاء سكان ذلك الكهف المؤقت لهم مصادر غذاء كثيرة ومتنوعة لذا استبعد الباحثون أن يكون الهدف خلف اكل لحوم البشر هناك حدوث مجاعة ما -هذا ان حدث، وجد العلماء عظام حيوانات وعظام بشر واستطاعوا التعرف على خدوش وكسور في العظام البشرية مشابهة للتي على عظام الحيوانات، وأن معظمها حدث في الكهف، وان العظام الطويلة للحيوانات والبشر كسرت لاستخراج نخاعها، لا توجد علامات طهو لاي من لحوم البشر او الحيوانات، لم تدفن الرفات على غير عادة ذلك الوقت.[٤]

يعترض البعض على الاستنتاج السابق بأن كل هذه ما هي إلا طقوس دفن لا علاقة لها بأكل لحوم البشر، وكان من أول القائلين بذلك Michael P. Pickering في مجلة Australian Archaeology، حيث قال أن هذه الرفات بقايا عادات دفن تطلب امتلاخ اللحم عن العظم قبل الدفن، وبالتأكيد هو رد ضعيف لأنه لم يدعم بأي دليل على طريقة مشابهة في ذلك العصر للدفن، ولكن استشهد ببعض القبائل البدائية في أستراليا، وأتمنى من القارئ أن يدرك الفرق بين تلك القبائل وأناس عاشوا قبل ٦٠٠٠ عام، فالقبائل الحالية تطورت معتقداتها مرات عدة حتى يصعب مثل تلك المقارنة، واستشهد أيضًا ببعض ما سُجل عن قبائل أخرى كانت تقوم بمثل هذا الطقس، واستمرت الردود بين شد وجذب حتى يومنا هذا، فهل كان هذا حقًا أول تسجيل بين أيدينا لظاهرة أكل لحوم البشر؟

لمحات سريعة لإختصار الوقت

كان هنالك آلهة معروفة بأكل البشر والأطفال ولكن هذا لا يبدو كدليل على ظاهرة اكل لحوم البشر قد يكون مجرد تجريد افضل لعادات اقدم بتقديم البشر كقرابين للالهة سواء بنحرهم او حرقهم او رميهم في النهر، مثل كرونوس من الميثولوجيا الاغريقية الذي كان يأكل أبنائه، وباقي الميثولوجيا الاغريقية مملوءة بقصص اعتبرها رمزية صراحة أو لا تعبر ببساطة عن بشاعة فعل كرونوس, تيريوس الذي قدمت له زوجته واخواتها وجبة من لحم ابنه انتقامًا منه لإغتصابه إمرأة -لاحظ الإنتقام وعلاقته بأكل لحم البشر هنا-، تيوديوس أكل مخ عدوه -لاحظ هذه أيضًا وعلاقة أكل لحم البشر بالسيطرة وفرض القوة-

في المسيحية هنالك تشبيه رمزي لجسد المسيح بالخبز ودمه بالخمر اللذان يدخلان في بعض المناسبات، ولن ندخل في تفاصيلها لأنها رمزية أيضًا، كما بعض الحكايات عن يأجوج ومأجوج في المخيال العربي.

الشعوب الافريقية على ضفتي نهر الكونغو والنيجر عُرف عنها أكل لحوم البشر كطقس ديني.

حرق: أتاك اون تايتن فيها أكل البشر للحوم البشر لغرض القوة التي يعتقد أن هذا الأكل سيعطيهم إياها "سبب قوي".

وفقًا لبعض المشاهدين كانت بعض القبائل الإفريقية تأكل قلوب أعدائها لزيادة الشجاعة[٥]، او تستخدم لحم سجين حرب او غريب لصنع أدوية معينة -وهي الحالة الوحيدة المشابهة لحالة الشامبنزي-

كل المصادر التاريخية التي تتحدث عن أكل لحوم البشر إما اتهامات لشعوب أخرى لا يمكن التأكد منها، أو لها علاقة بالمجاعات إن صحت، ولم يظهر أي من الأنواع الموجودة في عصرنا "غير المجاعات" تقريبًا، ولكن القبائل البدائية حول العالم تظهر عندها مثل هذه الظواهر مرتبطة بالدين وطقوس تكريم الميت وحالات نادرة جدًا مرتبطة بالانتقام او القوة او فرض السيطرة مرتبطة بالاستعمار الأوروبي دائمًا وتبدو بالنسبة لي كرد فعل لحالة ضغط خطيرة أدت لأفكار خرافية داخل أديان تلك الأقوام أدت إلى استنتاج هذه الطريقة كإحدى الحلول للدفاع عن منطقتهم.

ربما يفسر لنا ذلك تصرف الشمبانزي، فربما بالنسبة لهم وهم ليسوا من المفترسات اصلًا ويبدو أن تحولهم هذا قريب جدًا ناتج عن الظروف التي وضعوا فيها فأدت لتغير غريب في دماغهم أقنعهم أن ارتكاب فعل بشع مثل المفترسات حولهم هو الحل للدفاع عن أنفسهم، فلا نجدهم يرتكبون مثل تلك الأفعال إلا للغرباء عن مجموعاتهم ومنطقتهم، وكذلك تبدو تلك القبائل وهذه إحدى أنواع اكل لحوم البشر المهمة والقوية التي سيفتح تفسيرها تفسير عدة أنواع أخرى كالإنتقام.

جزر فيجي

يشيع عن جزر فيجي أن سكانها أكلة لحوم البشر، أولًا هذا الإدعاء غير مدعم بدليل واحد صريح، كل الشهود الذين تحدثوا عن طقوس اكل لحوم البشر تحدثوا عن غلي العظام وحتى كسرها ولكن لم يتحدثوا عن رؤية فعلية ل"أكل" تلك اللحوم، دراسة الرفات في تلك المنطقة أدت لإستنتاجين : أولهما أن هذا الغلي كان لتنظيف العظام قبل دفنها والثاني أنه كان لأكلها، والاتجاه الثاني دعمه بحوث ديفيد ديجوستا حين تحدث عن تشابه العلامات على العظام البشرية مع الحيوانية في المناطق التي درسها -وقد ذكرنا المبادئ بالأعلى والنقاش حولها، والدليل الأقوى بالنسبة له كان أن العظام الموجودة في القبور ومواقع الدفن غير معدلة ولا توجد عليها أي من تلك العلامات! إلا أنه يمكن الرد أن العظام التي درسها ترجع لطريقة مختلفة في الدفن، وهنالك دليل آخر يتحدث عن عادات دينية وطقوس أساسية في ثقافة السكان الأصليين تثبت أن أكل لحوم البشر كان أساسيًا في ثقافتهم(6)

وسأوقف الفترة التاريخية هنا لأنها أطالت كثيرًا.

هل اختفت هذه الظاهرة مع المجتمعات "المتقدمة" كما يجادل البعض؟ وان كان "التقدم" سبب اختفائها فلما عادت للسطح في الكثير من الحالات بين أيدينا؟ أم أنها كانت موجودة طوال الوقت؟ أم أن درجة التقدم والنظام المجتمعي هو من يحدد مدى انتشار هذه الظاهرة، واننا لم نتقدم فعلا على المستوى المجتمعي وما زالت العوامل الأولى التي أثرت في أجدادنا ودفعتهم إلى ذلك موجودة اليوم واختفت فقط لفترات خافتة؟ أم اننا بحاجة لدراسة كل بقعة جغرافية وحدها؟ أعتقد ان مقارنة بين حالتين من العصر الحالي لمنطقتين مختلفتين جغرافين قد تعيننا على فهم الدوافع خلف هذه الظاهرة قديمًا وحديثًا، ونضع حجر الأساس لإنهائها من الوجود، هل هذا ممكن؟ ربما أو قد يكون ذلك الجنون بعينه

الواجب المنزلي

والآن كن إيجابيًا قليلًا، وساعدني في البحث، ابحث حولك في منزلك أو شارعك في مثال أو فلكور او قصة في بلدك أو قريتك تتحدث عن آكلي لحوم البشر، لأني سأكتب فقرة عن الفلكور في العالم العربي، إن أردت أن نضمن فلكلورك في ذلك الموضوع فشاركنا ولو بمثل شائع أو حكمة، ولأولئك الباحثين فعليكم أن تعينوني في البحث في التاريخ العربي عن أي حوادث تتعلق باكل لحوم البشر لأني لا أتذكر أني اصطدمت بمثل تلك المواضيع يومًا، ربما شعر جاهلي أو حدث في الدولة العباسية أو ما شابه، وشكرًا على حسن تعاونكم، ونعتذر عن الاخطاء الإملائية لن أستطيع مراجعة كل ما كُتب


معنى الإمتلاخ في المعاجم :

[١] [٢]

[٣]

[٤]

[٥] The History of Cannibalism by Karoline Lukaschek pg 8

[6] pg 11 نفس المصدر السابق

[٧] The Delicate Question Cannibalism in Prehistoric and Historic Times G. Richard Scott and Sean McMurry pg 214