التقدم التقني، وتحديدا في شكله الرقمي، سلط الضوء على أنماط السلوك البشري، وساهم في إبرازها، تكرارها، أو حتى تشويهها، لكنه يعطينا فهما أعمق لكيف تجري الأمور، ويقرب الإحصائيات من شكله الرقمي / العددي الخالص، فالبعض يعد الإحصاء أعلى العلوم البشرية وأكثرها كمالا، ولكن ما علينا من هذا حاليا.

من التصنيفات المعروفة لمقدمي المحتوى على الشبكة، أن التفاعلات أربع أنواع رئيسية؛ تفاعلات (مثل التعبير عن شعور ما، أعجبك أو أحببته أو أضحكك أو أحزنك أو أغضبك أو تدعمه أو غير ذلك)، ومشاركات (المساهمة في نشر المحتوى عبر حسابك الشخصي، صفحتك، أو المجموعات، أو المشاركة مع أصدقائك، أو عبر قنوات الاتصال المختلفة)، ومتابعات أو مشاهدات (أي أنك تعطي تأكيد للخوارزميات أنك تفضل هذا النوع من المحتوى، وتساهم بشكل أكيد في ظهور هذا المحتوى إلى أشخاص آخرين). يظهر لي أن كل هذه الأنماط تعُامل كأنها مجرد أرقام (الجانب السلبي من الإحصاء) وكأنها لا تعبر عن شخوص حقيقية. لذا يأتي النوع الرابع والأكثر أهمية بالنسبة لي؛ التعليقات أو الرسائل. نلاحظ أن عدد من نجوم الفن والإعلام، وعلى نحو مكرر ونمطي جدا، يطلبون من متابعيهم الذين يعلقون تعليقات سلبية -يسمون ذلك هجوما- أن يقوموا بإلغاء المتابعة، أو أن يقوموا بحظر حساب المتابعة أصلا!.

هذه برأيي، مجرد إهانة للمتابعين، لحظة ما كلامك لن يعجبك، سوف تطلب آيتن عامر أو فيدرا المصري (على سبيل الذكر لا الحصر) منك أن لا تتفضل عليهن/م بالمتابعة. بينما برنامج ساخر مثل السليط الإخباري، يجعل من ذلك مادة للسخرية وعلى نحو ذكي يطلب اللايك وضد اللايك، ويطلب السبّ (تعليق طلع فيه كل اللي جواك)، وحتى محمد رمضان، كان يقابل ذلك بالتحدي، وبطريقة رعناء، لعله بدأ يتعلم مؤخرا بغيابه قليلا عن الأضواء، ولكن لم أسمع أنه قام بطلب ألا تقوم بمتابعته.

هو فقط كأنه يقول للمتابع: مش عايز تتابعنا براحتك، بس سمعنا سكاتك خلينا ناكل عيش وحياة أبوك.