في معظم قصص القتال اليابانية ينتصر الشيخ الهرم والحكيم على الشاب القوي والمندفع، ليس تحيّزا إلى كبار السن في الثقافة اليابانية، بل لعلها أسرار القوة كما يدركها اليابانيون. فالعنصر الحاسم في القتال البدني لا يكمن في قوة العضلات ولا قوة الضربات، بل القدرة على التكيف السريع مع الوضعية القتالية، ما يتطلب أقصى درجات المرونة النفسية والحركية، والتركيز الذهني، ويحيل بالتالي إلى الخبرة الطويلة. 

إذا كان التعريف الأشهر للذكاء أنه القدرة على التكيف، فإن قدرة الجسد على التكيف السريع مع الوضعيات المطلوبة، سواء في فنون القتال أو الرقص أو سائر تجارب الحياة اليومية، ستحيل بدورها إلى ذكاء الجسد. هنا يكمن معنى القوة.

لا تكمن القوة في العضلات المفتولة كما تروج سينما هوليود عبر صور نمطية مضللة، بل تكمن في ذكاء الجسد، أسلوبه، ردود أفعاله، وقدرته على التكيف السريع. والحال أن البنية الجسدية لأبطال فنون القتال، تؤكد بنفسها ذلك. 

كون العنصر الحاسم في القتال هو ذكاء الجسد بدل العضلات. فهذا ما يجعلك قد تهزم خصما أقوى منك حين تعرف كيف تستعمل قوته لصالحك، كيف لا تستنزف طاقتك، كيف تساير اتجاه قوته وتُعيد استعمالها في التوقيت المناسب، وفوق ذلك كيف تلجم حماسك وانفعالاتك. لذلك يقول الكاتب المغربي سعيد ناشيد الأسلوب أقوى من الجسد، ذلك أن القوة الحقيقية هي الأسلوب.

إن العقل هو القوة التي لا يمكنك هزمها لأنه يصنع الأسلوب أما قوة الجسد فهي خاسرة بدون عقل يقودها لأنها تفتقد الأسلوب.