كانت صديقتي ماجدة من عائلة غنية جدا ، بينما كنت أنا من الطبقة الكادحة ، في كل يوم كنت أقارن فيه بيني و بين صديقتي ، كنت متأكدة أن هناك خللا ما ؟؟؟ أنا لا أرتدي لباسا جديدا كل يوم، بخلاف ماجدة . أنا لا أملك النقود لشراء الحلوى مثل ماجدة ، لم أكن أكره ماجدة ، بل كنت أحبها و أحترمها لأنها صديقة طيبة جدا ، و لكني كنت أتساءل في دواخلي و أنا طفلة صغيرة لم تتجاوز العشر سنوات ، هل تقارن ماجدة نفسها بي كما افعل ،أم أن الفقر وحده يدفعني للمقارنة . انقطع الاتصال بيني و بين صديقتي الصغيرة بحكم التزامات الأسر ، بعد سنوات و بعد تخرجي من الجامعة جاءني اتصال من رقم مجهول ، لقد كانت ماجدة التي انقطع الاتصال بيننا زهاء عشرين سنة، عرفت من خلاله أن صديقتي أم لأطفال ، و أنها غادرت أسوار الدراسة مبكرا ، رغم أنها كانت فتاة مجتهدة ، أخبرتني أنها كانت تتمنى لو كانت مكاني الآن .

طرح الباحث في علم النفس الاجتماعي، ليون فيستنجر نظرية المقارنة الاجتماعية التي ترتكز على الاعتقاد بوجود دافع داخل الأفراد للحصول على تقييمات ذاتية دقيقة. تشرح النظرية كيفية تقييم الأفراد لآرائهم وقدراتهم بمقارنة أنفسهم بالآخرين، من أجل الحد من عدم اليقين في هذه الأمور، وتعلم كيفية تعريف الذات.

يشير الأخصائي النفسي محمد الخطيب إلى أن مقارنة النفس بالآخرين شئ خطير جدا ، لأن ذلك يكون سببا في تدمير الثقة في النفس ، و تعزيز الإحساس بالدونية ، مشيرا إلى أن إمكانية التعلم من الآخرين ممكنة بشرط ألا تتحول إلى عقدة النقص .

استعرضت مجلة "بريغيته " الألمانية سلبيات المقارنة و اعتبرتها فخا لا ينتهي ، وبينت الدراسة أن الحياة ليست مسابقة مع الآخرين ، معتبرة أن ما يحدث هو وضع نقط ضعفنا في مواجهة نقط قوة الآخرين . و في هذه الحالة لا تستقيم المقارنة ، بل تنعد في الأصل .

المقارنة أفكار تهطل على عقل الإنسان دون مسوغات وتتخلله تخللاً وسواسياً، وهي جزء لا يتجزأ من الشخصية الضعيفة والمهزوزة، الفكرة الخاطئة عن النفس هي التي تولد فكرة المقارنة، عندما لا تستطيع فعل شيء يستطيع غيرك الحصول عليه بكل سهولة أو عندما تكون لديه اشياء أنت تريدها أو تتمنى أنك من يمتلكها، أو تغار منه لأنه مميز عنك وله حياته الخاصة به، فتتأثر به وتهتم لأمره حتى وإن كنت لا تحبه، سيدق باب عقلك فكرة المقارنة فإذا فتحته ستنهمر عليك أفكار كثيرة ومتفاوتة في المفهوم ومشبعة بالتساؤلات .إن الإنسان الذي تقارن نفسك به، لديه إحدى أو معظم المميزات المذكورة آنفاً، و التي لا تمتلكها أنت. فتقوم بمراقبة حياته ومنجزاته وتقارنها بحياتك التي تعيشها، وتصاب بالخيبة والبؤس والهزيمة، ويمكن أن تصبح في بعض الأحيان عديم شعور وتُقدم على تقليد هذا الشخص حتى ترضي نفسك اللوامة.

لا تقارن نفسك بالآخرين ، بل قارن بين نفسك بالأمس واليوم .