مما أتيتُ من حصيدةِ الأيام التي قادنا بها الوعي لا الغفلة واليقظة لا السبات أرسمُ صورةً منطقيًّة عن مكامن الحقيقة وراء ظهورِ الأشخاص في حياتنا ومن ثم تواريّهم عنّا.

حتى أني لوقتٍ قصيرٍ قد اتضحتْ لي بصيرة المعاني وتفكفت أعذاق الفكرة وبدى لي الظاهر بخلافهِ وارتأمت الروح وهي تدركُ أن لكل قصةٍ أبطالها ولكل بطل موعدًا للظهورِ وموعدًا للدبورِ.

شبيهٌ بالذي يسطِّرُ رواية يعرفُ في أدراجه الزمنيّة المرتّبة في عقلهِ متى سيُظهِر ومتى سيُخفي كل بطل من أبطال روايتهِ التي هو جوهرها و أساسها والباقيون هم المتغيرات من حولهِ.

وعلى ضربٍ من المثال فقد يدخل البطلُ الصديق الوافي الذي يعطي صدرك أمانًا عن الدنيا وأنَّك بصدد عالمًا بهِ من الأنوارِ مايكفي حتى تمشيه وتستنعم بخيراتِ الطيبة والجزل الذي فيه وأنه لا يزال هناك مكانًا واسعًا للصدقِ لكنه -يظهر لك في الوقتِ المناسب ومع الشخصِ المناسبِ-

وقد يدخل البطل الناكثَ لكلمتهِ ووعدهِ

أيضًا ليخبرك بحقيقة العالم وأن الكلمة وزنها في موازين البشر خفيفة لكنها في موازين الصدور سامقة و عالية القيمة والأثر وأن الخيانةَ أقبحُ من أن تنقادَ تحت سطوتها العيون المشتاقة والقلوب المترفرفة فهي ميثاق قلب ولذلك يوصيكَ أن تحذرَ و تنظر في كل الإتجاهات عندما تعبر طريق أي علاقة جديدة.

وقد يدخل شخصًا تحسبهُ عابرَ سبيل لكنه يهتنُ في قلبك أنهار الحكم والمعرفة وعادةً ما يكون ليوقظَ ماكان غافيًا في عقلك و يضيءُ مصابيح قلبك الهامدة فتعرفُ بعد أن يمشي كيف فهمت عن الآخرين ما أنت بغنى عن تجربتهِ بنفسك لأنَّه قد نقشها لك كالوسمِ في ذهنك.

وقد يدخل الذي يحيجكَ لإنهاء الروايةِ لأنَّه أوحى لك بأن الشرور في البشريةِ شيئًا لا فرار منهُ ولم يسلمْ منهم الصحابة ولا الأنبياء لكنْ حذاري! فعند دخول هذا الشخص بالذات لقصّتك تكون الرواية قد بدأت حديثًا حتى تستطيع أن تتعافى من ضريحِ الذكريات وقفيرِ النحل الذي يلدغُ قلبك كل مرة ، تذكر أن دخول وخروج الناس من حياتك لم يعد خيارا متعلقًا بحريتهم و نواياهم بل أنه يعتمد عليكَ فأنت من تقررْ ذلك بحزمٍ وثباتةٍ.