رواية ثرثرة فوق النيل: أتعتقدون أن كثرة المشكلات تخفف من حدتها؟!

أعجبتني هذه المادة كثيرا، وأتمنى لو أن شخصيتنا تتسم بتلك المرونة فعلا.. لكن أنى لنا تلك الصلابة عند مواجهة الصدمات!

فما يحدث مع معظمنا هو العكس تقريبا؛ فتجدنا وقت الرخاء مركزين ونفكر بمنطقية وهدوء، وما أن تأتينا محنة ما فنفقد منطقنا وهدوئنا وتركيزنا مجتمعين، ونتحول لوضعية التعامل العشوائي الساخر اللامبالي أحيانا، إلا من رحم ربي!

يذكرني هذا بمادة Oobleck التي عندما تتعامل معها بلطف تبقى سائلة لكن عندما تعرضها لصدمة وقوة مفاجئة تتحول إلى مادة صلبة

أرى أن هذه القدرة على التحمل والتكيف هي ما يجعلنا نستطيع المضي قدماً حتى في أصعب الظروف. التحديات والمشاكل، رغم قسوتها، تساهم في بناء شخصياتنا وتعزز من قوتنا الداخلية. كما أن مرونتنا النفسية تسمح لنا بالتأقلم مع المتغيرات والتعامل مع الضغوط بطرق أكثر إيجابية وفعالية. ربما يكون هذا التحول من حالة الضعف إلى القوة هو ما يمنحنا الأمل والشجاعة للاستمرار، حتى عندما تبدو الأمور غير قابلة للحل.

الشعور بالفشل الدائم والمتواصل في بعض الأحيان يعطيك المتعة في الحياة..

أي أن الفاشلون يمكنهم إيجاد متعتهم الخاصة أيضا!

لكن ألا يشكل ذلك خطرا على رغبتهم في التطور والنجاح الفعلي، فإن هم إستمتعوا بالفشل والخمول من سيقنعهم بالسعي والجهد لتجربة متعة النجاح أيضا!

ذكرني تعليقك طه ببعض الزملاء بالمدرسة اعتادوا الرسوب، وكانوا يكبروننا بسنوات عدة رغم تواجدهم بنفس الفصل الدراسي، ومع ذلك كانوا يستمتعون ويتفاخرون طوال تواجدهم بالمدرسة وخارجها، ربما أكثر من أوائل الدفعة:)

 .. لا يصل الأمر لدي إلى درجة اللامبالاة أو السخرية من المشاكل،

لكن البعض يجد في تلك السخرية ملاذا من المعاناة والألم الناجمين عن مشكلة ما.. وعن نفسي أميل لذلك أحيانا، خاصة عندما أواجه مشكلة لا أمل لي في حلها، فمهما فكرت وخططت لن أتمكن من تفاديها، كالكوارث الطبيعية مثلا، أو التأخر على موعد أصبح يستحيل علي أن ألحق به.. فتجدني أخفف عن نفسي ومن حولي بالسخرية من ذلك الوضع!

ويختلف الأمر من شخص لآخر فنجد البعض يستطيعون التخطي وتمحو المشاكل بعضها، والبعض الآخر تتراكم لديهم المشاكل ويصابون بالقلق والاكتئاب

إضافةً إلى ذلك، يمكن القول أن قدرة الشخص على التعامل مع المشاكل تعتمد بشكل كبير على دعمه الاجتماعي والموارد النفسية المتاحة له. قد يكون لدى البعض قدرة فطرية أو مكتسبة على تحويل الأزمات إلى فرص للتعلم والنمو الشخصي، بينما يعاني آخرون في مواجهة نفس الظروف. لهذا، من المهم أن يسعى كل فرد لبناء شبكة دعم قوية وأن يتعلم استراتيجيات فعالة للتعامل مع الضغوط والأزمات.

بالنسبة للتفسير العلمي للأمر، هناك ما يسمى بال Hedonic adaptation

يذكرني طرحك هذا بقصة الرياضي الشهير نيك فيوتيتش الذي ولد بدون أطراف بسبب حالة نادرة، عاش طفولة مليئة بالتحديات والأزمات النفسية. في بدايات حياته، شعر نيك بأن حياته مليئة بالمصاعب التي لا يمكن التغلب عليها، وشعر بأنه لن يتمكن من عيش حياة طبيعية أو سعيدة. ولكن مع مرور الوقت، وبعد مواجهته لصعوبات أكبر ومشاكل إضافية، بدأ يعتاد على وضعه ويدرك أنه ليس الوحيد الذي يعاني من تحديات في الحياة. من خلال التأقلم والدعم الاجتماعي، استطاع نيك ليس فقط التغلب على أزماته، بل أيضًا أن يصبح متحدثًا تحفيزيًا عالميًا يلهم الملايين.