يروي لنا الدكتور أيمن العتوم رواية حقيقية من مخطوطة كتبها طالب العلم عبد اللطيف البغدادي الذي قدم من بغداد إلى القاهرة لطلب العلم في القرن السادس الهجري، والأهوال والفظائع التي ارتكبت في تلك الحقبة تحت وطأة ابتلاءات ونوازل، عصفت بأهل مصر واحدة تلو الأخرى، حتى اجتمعت عليهم المجاعة والطاعون والزلازل، وهاجت الدنيا وماجت وأظلمت على من بقي في ضميره بقية من إنسانية وخير، حتى ظنَّ أكثرهم أن القيامة لا بدٌَ قائمة، وأن لا نجاة من الهلاك المحتوم .

يروي المؤلف ببراعة تميز بها في رواياته، الأحداث بشكل مؤثر للغاية، يعصف بمشاعر القارئ من خوف ويأس وبؤس وصدمة، ويفتح الباب على أسئلة كثيرة يناقشها في مواضع كثيرة في الرواية ويترك لنا الإجابة، ونقف أمام السؤال الأهم، كيف تخفي النفس البشرية كل هذا الكم من الوحشية والهمجية، وهل هي موجودة أصلا في طبائع البشر، وتأتي المصائب الكبرى لتكشف عنها وتفتح لها الطريق لتفتك بمن حولها، كيف استطاع كل هؤلاء أن يبدوا طبيعيين ومسالمين في أوقات الرخاء والراحة، وتكشفت أنيابهم حين دار الزمان دورته وأظلمت عليهم الدنيا، هل هناك فعلا مناطق عميقة جدا في نفس الإنسان لا يمكن رؤيتها إلا إذا تعرض لما يزلزل كيانه، حتى نرى ما لم نتوقع أن نراه حتى في الأحلام والكوابيس؟