أثناء قرائتي لكتاب "رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمّان" واجهت معضلة يواجهها قُرّاء هذا الكتاب بين آراء مؤيدة لأحقية نشر الكاتبة هذه الرسائل وأخرى معارضة لأنها قامت بنشر هذه الرسائل بعد وفاته بالتالي دون موافقةٍ منه.

وهذا الكتاب جعلني أنتقل للصورة الأكبر لأدب الرسائل أو ما يُعرف بالمراسلات الأدبية ولمن لا يعرف هذا النوع من الأدب والكُتب فهو ببساطة الرسائل التي تبادلها الكُتّاب والأدباء والشعراء فيما بينهم تحت ظروفٍ مختلفة.

والنماذج كثيرة جداً منذ القِدم لكن بشكلٍ خاص أرى أن القرن الماضي شهد أهم الثنائيات العربية التي اشتهرت في هذا اللون من الأدب على اختلاف أهدافه ولعل أشهر هذه الثنائيات كانت العاطفية منها فـ كُتُب مثل الشعلة الزرقاء التي احتوت رسائل الأديب جبران خليل جبران إلى الكاتبة مي زيادة وكذلك رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان.

ولا يقتصر الأمر على ذلك فهناك ثنائيات شعرية في المراسلات بين الشاعرين محمود درويش وسميح القاسم والتي كانت تُنشر في مجلة اليوم السابع أنذاك وتُضيف للقارئ العربي قيمة في متابعة وقائع الحياة اليومية.

كذلك ثنائيات شاعت بين أصدقاء من اختصاصات مختلفة فالأديب الكبير عبد الرحمن منيف والفنان التشكيلي مروان باشي نُشر لهم كِتاب في أدب الصداقة وهو المفضل لديّ لأنه ساعدني في معرفة جوانب خفيّة مختلفة عن منيف بعد قرائتي مجموعته مُدن الملح.

وهذا ما أراه مهماً لأن مثل هذا الأدب يَكشف جوانب لا نعرفها عن الأديب والمفكر والشاعر في خضم ظروف ومواقف الحياة الاعتيادية والتي قد نقترب أكثر لفهمها من المؤلفات الأدبية المنشورة لهم.

مَنْ عرِف غسان كنفاني من خلال أدبه المقاوم، تفاجئ تماماً من جانبه الآخر في كتابة الرسائل لغادة السمان، ومَن عَرِف أمل دنقل الجنوبيّ الثائر، عرف كم هو إنساناً هادئاً في رسائله لزوجته عبلة الرويني.

وبالرغم من الزخم المعرفي والقيمة الأدبية التي يضيفها لنا هذا الأدب إلا أن نشر مثل هذه المراسلات التي حدثت في وقتٍ ما، بصدفةٍ كاملة دون تخطيط واستمرت لسنوات، هو قرار مهم من الطرف الذي قرر نشره.

لذا ما رأيك في هذا اللون من الأدب؟ وما هي ثنائيتك المفضلة؟ وهل ترى أنه من الأفضل أن يبقى خاصاً أم يتم نشره لفائدته وقيمته الأدبية؟