مؤخرًا سمعت عن جريمة حقيقية قام فيها شخص بقتل أكثر من طفل بطريقة وحشية دون وجود أي مبرر لذلك! وفي البداية لم يتمكن أحد من تفسير سبب الجريمة إلى أن ظهرت الحقيقة أخيرًا، وهي أن ذلك القاتل نفذ جريمته بغرض الربح منها، إذ أنه تعمد تصويرها ليبيعها بأسعار خيالية لمواقع الدارك ويب! أو بالمعنى الدقيق لأشخاص مصابون بهوس مشاهدة الجرائم الحقيقية، الأمر يبدو بالنسبة إلينا وكأنه قصة لفيلم رعب لا علاقة له بالواقع ولكنه للأسف حقيقيًا، إذ يعتبر بعض المجرمين الجرائم مصدرًا للتجارة والربح، وبالفعل يوجد من يشتريها ويدفع فيها الكثير من المال لجذب مجموعة من المرضى المصابون بحب مشاهدة تلك الجرائم الشنيعة، برأيكم هل يمكن علاج مرضى هوس مشاهدة الجرائم الحقيقية؟ وكيف يمكننا التصدي لمثل هذه الجرائم؟
بزنس الموت، هوس مشاهدة الجرائم الحقيقية أو التجارة فيها
برأيكم هل يمكن علاج مرضى هوس مشاهدة الجرائم الحقيقية؟ وكيف يمكننا التصدي لمثل هذه الجرائم؟
يا إلهي هذا أمر فظيع!
أعتقد أنه حتى وإن لم يكن هناك تشخيص أو علاج لمشكلة كهذه، يجب أن تبذل كل الجهود لإيجاد حل لهذا الهوس، ألا يشعر الشخص الذي يعاني من إدمان لمثل هذه المشاهد أنه يعاني من خطبٍ ما؟ ألا يمكن أن يكون ذلك مؤشرًا للمحيطين به أنه بحاجة للعلاج؟ حتى أولئك الذين يدمنون مشاهدة أفلام الجريمة والدماء ينبغي أن يكونوا مدعاة للشك طوال الوقت.. لأنه لا تفسير منطقي لوجود ميول طاغٍ من هذا النوع برأيي!
يساورني الشك فيما إذا كان لهذه الحالة وجود في السابق قبل ظهور التلفاز، أم أن هذه الحالة وليدة هذا العصر وقد تم تغذيتها عن طريق السينما والدراما التي تتفنن في عرض هذه المشاهد الدموية والقصص التراجيدية.
الغريب هنا أن هناك دراسة قامت بها جامعة إلينوي عام 2010 تشير إلى ميل النساء إلى قصص الجرائم الحقيقية -القصص وليس المشاهد على الأرجح- أكثر من الرجال، ويحدث ذلك عادة بدافع الفضول للتعرف على الدوافع الحقيقية للمجرم وكيفية هروب الضحايا، بالأخص عندما تكون الضحايا نساء أيضًا! هل لديكِ ميول كهذه بسمة؟
مما تابعت من هذه القضايا وهي كثيرة بالمناسبة سوءا في الوطن العربي أو خارجه، أقول أنه لا يوجد علاج لهذا الهوس، في كل ما رأيت وتابعت يتم سجن مثل هؤلاء الناس ويظلوا سجناء إلى الأبد، سواء هم أو من قاموا بالتصوير والفعل نفسه، فنحن أمام حالة صعبة من الخلل النفسي، لم أرى لها حل.
أما بالنسبة للتصدي لها فالأمر في يد الدولة نفسها ومؤسساتها، عن طريق تتبع هذه المواقع وأماكن البث وخلافه، عليهم أن يطوروا من بحثهم باستخدام الانترنت مع مبرمجين أفذاذ ليصلوا إلى مثل هذه البثوث وخلافه.
رأيت شيء مشابه، وهو: هناك البعض ممن يحبون النشر عن الجرائم بشكل مهووس لدرجة عدم الاهتمام بإيذاء أهل الضحية، فيجلسون في بث مباشر، يدردش عن القضية بالتفصيل، وكيف أن "الضحية" تم تقطيعه أو طعنه أو كذا. وعندما يتواصل معهم أهل الضحية أن هذا مؤذي ولا نريد أن يكون هكذا ذكر صديقنا أو ابننا. لكن، لا يهمهم، ويقولون الأمر أصبح عاما، ويمكننا مناقشة الأمر كما نريد.
الموضوع أشبه بالهوس بالجريمة نفسها، وكأن المقتول لا يهمهم في شيء. ويصل الأمر بالبعض لتمجيد القاتل، ومدحه على ذكائه وبراعته. صراحة، لا أعلم كيف يمكن علاج مثل هؤلاء. لم يفكرون في الجريمة كأنها شيء منفصل بحد ذاته أو كأنها عمل فني؟
أرى من المهم تفعيل قوانين صارمة ومراقبة مواقع الدارك ويب التي أصبحت بؤرة للأجرام ويرتكب فيها أبشع الجرائم.
أما بخصوص مشاهدة الجرائم الحقيقية كان لفرويد رأي في ذلك حيث إنه كان يرى أن مشاهدة تلك الجرائم تؤدي إلى الشعور بالارتياح والاطمئنان والشعور بأننا قد نجونا من كارثة كان من الممكن أن نكون نحن ضحاياها، لكن إذا تكلمنا عن الأشخاص الذين يدفعون مبالغ للناس لإرتجاب جريمة لمجرد مشاهدتها، فهؤلاء تم تشخيصهم من قبل علم النفس بأنهم مصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع التي تتسم بالأنانية وعدم التعاطف والندم، ومن الممكن علاجها لكن يبقى السؤال هنا كيف يمكننا معرفة هؤلاء الأشخاص وتسليمهم للمصحة النفسية؟
التعليقات