الشغف، الإعجاب، الحب كلها مشاعر طبيعية يشعر بها جميع البشر، أما الهوس فهو نوع من المشاعر المتطرفة التي تدل على وجود علة نفسية أو خلل ما إما بسيط أو معقد حسب كل حالة، فما برأيكم الأسباب والدوافع النفسية وراء ذلك الشعور؟
ما الدوافع النفسية تجاه الهوس بشخص/شيء ما؟
حتى إن كان الهوس غير محبب لأسباب كثيرة، لا أتفق معكِ في نقطة أن الهوس يدل في كل الحالات على وجود علة نفسية أو خلل.
يؤيد ذلك قصص الحب العذري في تاريخ العرب، بوجود ألفة بين المحبين، حيث كانت المشاعر متبادلة بين المحب والمحبوب لزمن طويل، وربما نشئا معاً على ذلك الود الخالص المتبادل، لكن كانت عادات العرب تقضي بعدم تزويج المحبين إذا شاعت قصة حبهما، في تلك الظروف وحيث كان المحب ينظر لمحبوبه كأنه امتداد لجزء من نفسه، لا يستغني عنه ولا تهنأ الحياة بفراقه، كان ينشأ الهوس عن المودة الصافية، وليس بسبب علل نفسية.
لا الهوس الذي هو نتيجة لعلة نفسية هو هوس من طرف واحد، كمن يقع في حب شخص لا يعرف شيء عن وجوده أو من يقع في حب شخص مشهور من المستحيل أن يلقاه أو من يقع في حب شخص متزوج أو مرتبط وهو بذلك يعلم أنه لن تكون له فرصة أبدا مع هذا الشخص ومع ذلك تجده لا يفكر سوى به طوال الوقت، ذلك الهوس المرضي الذي يجعله يبني حياة كاملة مع هذا الشخص في مخيلته من المستحيل أن يتحقق أي منها في الواقع ومع ذلك هو مستمر في مشاعره، والأصل في الحب أساسا هو أن يكون ناتج عن أفعال وتواصل، فكيف يحب إنسان شخص لم يقابله أو يتعامل معه بشكل شخصي أو يحدث بينهما أي نوع من أنواع التواصل حتى!
أنا لا أعتقد أن هناك علة محددة وراء ذلك الهوس، وإن كان هناك علة فهي لم تُكتشف بعد، فلا يمكن القول أن انعدام تقدير الذات هو سبب الهوس، فكثير من الاشخاص قد يعانون من عدم تقدير الذات ولا تظهر علتهم على شكل هوس، لذلك لا يمكننا حصر السبب في نطاق تقدير الذات.
وكذلك عدم الاكتفاء العاطفي له نتائج عديدة، ولا يمكن حصره في نتيجة واحدة مثل الهوس، بالتالي لا يمكن حصره في دور السبب.
لكن كانت عادات العرب تقضي بعدم تزويج المحبين إذا شاعت قصة حبهما،
لم اسمع بهذه المعلومة من قبل هل هي حقيقية ام وجهة نظر خاصة بك دكتور جورج؟
برأيي اعتقد انه من الطبيعي ان تشتهر قصص الحب العذري تلك خاصة العفيفة المليئة بالمشاعر إذا لم تنتهي بزواج بين المحبوبين، وحتى اذا انتهت بالزواج بعد صعوبات كثيرة، لذلك يتخذها الناس امثالا وقصصا يعتبرون بها في الحالتين مما سبب شهرتها، ولا اعتقد السبب ان عقلية العرب تمنع الزواج بين اثنين اذا شاعت قصة حبهما لأنه توجد قصص اخرى شاعت وانتهت بالزواج
من ضمن أسباب الهوس أرى سبب الحاجة النفسية، فقد يصيبيني الهوس بشخص لمجرد أنه يوفر لي الدعم النفسي بينما أنا محروم منه، أو لأنه ينتهج سلوكيات معينة أحبها ولكن أعجز عن فعلها فأرى حاجتي به وهنا يحدث الهوس، لم أكن مهووس بشخص من قبل ولكن لا استطيع تخيل الهوس إلا من هذا المنظور.
بالفعل يا إسلام أنت جعلتني أصل لمنظور مختلف للأمر. فقد يكون الهوس ليس بالشخص نفسه ولكن فيما يمتلكه أو يقوم به ويفتقده الإنسان في حياته ولهذا هو يصب تركيزه على هذا الشخص لأنه يرغب أن يكون مثله ولكن لا يستطيع، فيظن في مخيلته أنه لو استطاع أن يكون معه سيأخذ من نصيب ما لديه ويعوض ذلك النقص الذي يشعر به، فإذا استطاع الإنسان أن يوفر لنفسه وبنفسه هذه النواقص سينتهي هذا الهوس لأن هذا الشخص أصبح عادي بالنسبة له وليس مميز في شيء!
في بعض الأحيان، يكون من السهل الوقوع في فخ التركيز الزائد على شيء ما، خاصة إذا كان يمنح شعورًا بالتحكم أو التقدير، ولكن بمجرد أن يستهلكنا هذا الشعور بشكل مفرط، نبدأ في إدراك أن التوازن هو الحل. تعلمت من هذه التجربة أن الاعتراف بالحدود النفسية والتعامل مع المشاعر بعقلانية يمكن أن يساعد في منع تحول الإعجاب أو الشغف إلى هوس.
من المهم أن نلاحظ أن الهوس لا يظهر فقط في العلاقات الشخصية، بل يمكن أن يظهر في العديد من جوانب الحياة، مثل العمل أو الهوايات أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي.
والأهم من كل دلك أنه يجب أن نكون حذرين من أن نسمح لأي من هذه العوامل أن تسيطر على حياتنا وتؤثر على صحتنا النفسية.
في بعض الأحيان، يكون من السهل الوقوع في فخ التركيز الزائد على شيء ما، خاصة إذا كان يمنح شعورًا بالتحكم أو التقدير.
هل تقصدين أن البداية في الهوس هو أننا نعرض أنفسنا بشكل مستمر ومكثف ونصب كامل تركيزنا على هذا الشخص/ الشيء بحيث نجد أنفسنا وكأننا في حالة إدمان لأن التفكير في هذا الشخص/ أو القيام بهذا الفعل يعطي لنا شعور بالسعادة أو التقدير نفتقده في الواقع؟
أري أن الهوس بشخص أو شيء قد يكون نتيجة لمجموعة من العوامل النفسية المعقدة، حيث يمكن أن يكون الشخص يعاني من نقص عاطفي أو يحتاج إلى الشعور بالاهتمام والانتماء. في بعض الحالات، قد يكون الهوس ناتجا عن حاجة شديدة للسيطرة أو الهروب من واقع صعب، مما يجعل الشخص يركز بشكل مفرط على شيء أو شخص معين كمصدر للراحة أو الهروب. قد يكون هناك أيضًا ارتباط عاطفي قوي مع هذا الشيء أو الشخص، حيث يصبح مصدرًا لتحقيق الشعور بالأمان أو التفرد.
الهوس العاطفي قد يحدث عندما يفتقد الإنسان الحب أو الاهتمام الحقيقي في حياته، فيبدأ في البحث عن مصدر لهذا الاهتمام في شخص معين، حتى وإن كان هذا الشخص غير مناسب له أو يلحق به الأذى. فإذا مررتِ بفترة شعرتِ فيها بالحرمان العاطفي أو افتقاد الحب، ووجدتِ علاقة توفر لكِ هذا الشعور، فقد تنجذبين إليها بشكل مفرط، حتى لو كنتِ تدركين في داخلكِ أنها تسبب لكِ الضرر.
يعود السبب في ذلك إلى أن الإنسان يرى هذا الاهتمام أو الحب كحاجة أساسية وضرورية، لدرجة تجعله مستعدًا لتحمل أي أذى مقابل الشعور بهذا القرب العاطفي. يحدث هذا الأمر عادةً عندما لا يكون الشخص معتادًا على الحب الصحي أو الاهتمام الحقيقي، فيتمسك بأي شكل من أشكال الحب، حتى وإن كان غير صادق أو مؤذيًا. وفي هذه الحالة، يصبح الهوس العاطفي محاولة لتعويض النقص العاطفي، وإذا استمر هذا التعلق المفرط، فقد يؤثر بشكل كبير على الشخص، ويجعله يجد صعوبة في الابتعاد عن تلك العلاقة أو ذلك الشخص
أوافقك في أن الهوس العاطفي غالبًا ما ينشأ من حاجة الإنسان الماسة للتواصل العاطفي والشعور بالقبول، خصوصًا إذا شعر بحرمان عاطفي لفترة طويلة. ولكن ما أود تسليط الضوء عليه هنا هو كيفية تعاملنا مع هذه الحاجة، وكيف يمكن أن يكون هذا الهوس مرتبطًا بعدم القدرة على التمييز بين الحب الحقيقي والتعلق المرضي.
دعينا نتفق على الحاجة للحب والاهتمام هي حاجة بشرية أساسية، ولا يمكننا تجاهلها أو التقليل من أهميتها. لكن في بعض الأحيان، قد نجد أنفسنا نستسلم للتعلق المفرط فقط لأننا نشعر بالفراغ العاطفي، الأمر الذي قد يخلق علاقات غير صحية. لكن في رأيي، يكمن التحدي في الوعي بأننا نستحق حبًا حقيقيًا وغير مشروط. وأنه من الأفضل أن ننتظر الحب الذي يليق بنا، بدلاً من التعلق بشخص أو علاقة قد تضرنا.
شخصيا مررت بفترة في حياتي شعرت فيها بالحاجة إلى الاهتمام العاطفي، فوجدت نفسي أتمسك بعلاقة لم تكن صحية. كنت أُدرك في أعماقي أن الشخص المعني لا يُقدم لي الحب الحقيقي الذي أستحقه، لكن شدة العوز العاطفي جعلتني أُغفل ذلك. ومع مرور الوقت، أدركت أنني كنت أتعلق بشيء غير حقيقي. كانت هذه التجربة نقطة تحول بالنسبة لي، حيث تعلمت أن الحب الحقيقي يبدأ من داخلنا أولًا.
الهوس غالبًا ما يكون نتيجة فراغ داخلي أو نقص معين يسعى الشخص لتعويضه بشيء خارجي، سواء كان شخصًا أو فكرة أو حتى هدفًا معينًا. قد يكون مرتبطًا بانعدام الثقة بالنفس، أو تجربة فقدان سابقة، أو حتى نشأة مليئة بالضغوط والتوقعات العالية. أحيانًا يكون وسيلة للهروب من الواقع، حيث يجد الشخص في "الهوس" نوعًا من السيطرة أو الانتماء القوي الذي يفتقده في جوانب أخرى من حياته. المشكلة ليست في الشعور القوي بحد ذاته، بل في كونه يستهلك الشخص بالكامل ويجعله يتجاهل نفسه واحتياجاته الحقيقية.
انا مهووسة بالأشخاص الناجحين وعندما احاول ان اداوي نفسي بنفسي لا استطيع الا ان انسى شخص بشخص اخر.
أعتقد أن نقاشي مع @Eslam_salah1 هو تفسير لحالتك، فأنت لست مهووسة بالأشخاص الناجحين ولكنك تفتقدين النجاح في حياتك بشكل عام أو تفتقدين تحقيق ما نجحوا في الوصول إليه بشكل خاص، وإحساس الفقد لديك والحاجة للنجاح يدفعك عقلك لسده بالتفكير الدائم بهؤلاء الأشخاص لأنهم يمثلون لك رمز ما أنت بحاجة إليه، إعجابك بهم يأتي من منطلق إعجابك بما حققوه وأنت عاجزة عن تحقيقه، وأعتقد أيضا أن عقلك ربما يوهمك أنك إذا كنت مع هذا الشخص بطريقة ما ستشعرين بالاكتمال لأنك نوعا ما ستأخدين من نجاحه أو ستشعرين بالإنجاز أو النجاح كون شخص ناجح مثل هذا اختارك، كلها حيل نفسية يشتتك بها عقلك حتى تبدئي في تنفيذ الحل الجذري لمشكلتك وهو أن تحققي نجاح كبير في حياتك مثل هؤلاء الأشخاص عندئذ سيتحولون لأشخاص عاديين بالنسبة لك فلن تنجذبي لهم بتلك الطريقة أو الدرجة فيما بعد.
التعليقات