في محاضرة بالجامعة عن كتاب "طبقات فحول الشعراء" لابن سلَّام الجُمَحِيّ (في القرن الثالث الهجري) تحدثت الدكتورة عن كون ابن سلام ناقدا أخلاقيا أم لا، فضربت مثالا من العصر الحديث بنزار قباني، وقالت إن الناس ينظرون لشعره نظرة أخلاقية فيرفضونه، ومن ينظر له نظرة فنية يستحسنه ويقبله.

ثم بعد هذه المحاضرة بحثتُ عن كتب الدكتورة "نجوى صابر" بالانترنت فوجدت كتابا لها pdf بعنوان "النقد الأخلاقي". قسّمَتْ فيه اتجاهات النقاد إلى ثلاث:

  1. ناقد أخلاقي: يجعل من الدين والأخلاق معيارا للحكم على الشعر والشعراء (ومنهم ابن قُتَيْبَة الدِينَوَرِيّ).
  2. ناقد غير أخلاقي: ينظر للشعر من حيث جماله البلاغي واللغوي والتركيبي والدلالي، ولا يأخذ الدين والأخلاق معيارا للحكم (ومنهم ابن سلام الجمحي).
  3. ناقد يتأرجح بين هذا وذاك: فيقول إن مواضيع الشعر دنيوية، فإن التصق بالدين والأخلاق يلين ويضعف. ولكنه عند التطبيق نجده لا يروي أو ينشد الأشعار التي تحتوي على شيء محرم في الدين أو أشعار الهجاء الفاحش (منهم الأصمعي).

وهذه الاتجاهات (بالرغم من أنها ذكرت أسماء نقاد قدماء، من القرن الثالث الهجري) إلا أنها مازالت موجودة حتى عصرنا هذا، فنجد ردود الفعل على شعر نزار قباني مشابهة تماما لردود أفعال هؤلاء النقاد.

ولكن الفرق بين كل منهما، أنه في عصرنا هذا لا أكاد أجد من يحكم على نزار أحكاما موضوعية عادلة، سواء أكانت أخلاقية أم لا. فحينما يأتي ذكره أخشى من التحدث بموضوعية فيظن البعض أني أدافع عنه لأني فقط من محبيه.

أنا كقارئة لأشعاره، أنظر له نظرة أخلاقية تماما، فتزعجني الأبيات الغزلية الصريحة جدا في دواوينه الأولى (قالت لي السمراء، وما بعده من دواوين)

ولكني كناقدة، أرى أن امرأ القيس والنابغة الذبياني قالوا من الغزل الصريح ما هو أشد من غزليات نزار، ولكن لصعوبة لغتهما الجاهلية، وُبعد الدلالة عندهما، لا يتحرج دارس الأدب من ذكر أبياتهما الفاحشة بشرط ألا يُطلَب منه شرحها! في حين أن لغة نزار هي اللغة الشاعرية لهذا العصر، ليست لينة ولكن سهلة يفهمها كل الناس. فلم لا ننظر له كما ننظر لبقية شعراء الغزل الصريح؟!

وإلى أي اتجاه نقدي من هؤلاء الثلاثة تميلون أنتم؟ وهل تتفقون مع موقفي تجاه شعر نزار قباني أم لا؟ وهل تقرؤون شعره إذا ما حُذف منها بعض الأبيات الصريحة؟