المدح من الأشكال والظواهر الشعرية المعروفة والمهمة في الشعر العربي، عُرف به كبار الشعراء كالمتنبي والبحتري وارتبط بالملوك والحُكام في الكثير من الأحيان إلى جانب شخصيات أخرى ذات مكانة مرموقة وجليلة.

ولكن للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي رأي آخر حول هذا الفن الشعري في قصيدته "شعري نفاثة صدري" :

لا أَنظمُ الشِّعْرَ أَرجو
بهِ رضاءَ الأَميرِ

وفي موضع آخر من القصيدة عينها، يؤكد الشابي على هذه القناعة قائلاً :

لا أقرضُ الشعرَ أبغي
به اقتناصَ نَوال

فلماذا رأى الشابي في المدح نقطة ضعف وإدانة لشعره، وهل المدح في الشعر يحطّ من مصداقية الشاعر وجمالية معانيه؟

لأصدقكم القول، لا أميل شخصياً لشعر المدح لما فيه من المبالغات التي تستقبحها النفس في ترفيع الشخصيات، ولكن مثلاً نجد شاعراً فذاً كالمتنبي اشتهر بمدحه لكبار الشخصيات التي ربطتهم به علاقات متينة كسيف الدولة الحمداني، الذي نظم مدحاً فيه عدداً من أشهر القصائد في الشعر العربي وهو الذي يقول عنه :

وَقَفْتَ وَما في المَوْتِ شكٌّ لوَاقِفٍ
كأنّكَ في جَفنِ الرّدَى وهْوَ نائِمُ