يقول الخبراء أن أطفالنا يختلفون عنا، في مهاراتهم وسلوكياتهم وانفعالاتهم. فليس من العدل أن نتوقع منهم نفس الإنجاز مع تفاوت قدراتهم، لذلك وجب تلقينهم المهارات بطريقة تلائم شخصياتهم.
هنا نتساءل؟
كيف أعلم ابني ثقافة الدفاع عن النفس؟ هل أزرع فيه مبدأ ضرب من ضربك؟ أم أن يشكو لمعلمته؟ أم يبتعد عن من ضربه؟
سأحكي لك قصتي في هذا الجانب، فكنت أزرع في ابني دوما أن يشكو لمعلمته إن قام أحد بالتعدي عليه، وأنه لا يجب أن يتجاوز معلمته بالصف احتراما لها، وبعد ذلك تعرض ابني للضرب، وجاء يحكي لي أن المعلمة أتت بالذي ضربه وجعلت ابني يضربه كما ضربه ثم صالحتهما على بعض، وعندما تحدثت معها حول هذا الأمر وأنه لا يجب أن تكون المعالجة هكذا، قالت لي لو صالحتهما دون أن يأخذ ابنك حقه ويضربه مثلما ضربه، سيظل ابنك بداخله إحساس بالإهانة، وسيظل الطفل الآخر لديه إحساس أنه انتصر ويمكنه أن يعود لضربه مجددا، لكن طالما ضربه فالطفل الثاني سيعلم أن بإمكان الأول ضربه فهو ليس ضعيف، وبالفعل بعد تفكير اقتنعت برأيها وعلمت أبنائي ألا نعتدي على أحد، لكن إن تجاوز أحد حدوده فيجب أن نوقفه عند حده حتى لا يتجرأ مرة ثانية ليكررها. حتى هم بعد فترة أصبحوا اكثر شجاعة ومواجهة عن السابق.
اقتنعت بالفعل بكلام المعلمة بالرغم من أنه كانت لدي تخوفات نحو هذا الأمر، وفي هذا الشأن أريد أن أسألك هل أثر هذا المبدأ على تصرفاتهم بشكل عام؟
لأنني كنت أخشى من تلك الثقافة أن لا يستطيع الأطفال التمييز بين المواقف المختلفة ويكون العنف بشكل عام هي طريقتهم في التعامل إذا ما غضبوا مثلا، أو انزعجوا من أمر معين.
التأثير كان إيجابيا، فقبل هذا الموقف كان ابني يتراجع عن أخذ حقه، فجعل منه شخصا ضعيفا بالمواقف الحياتية، لأنه تعود أن هناك من يأتي له بحقه، لكن بعد تعميم نصيحة المعلمة، أصبح أكثر جرأة في التعامل مع المشكلات، ويمكنه صد الضرب عن نفسه، وزملائه أصبحوا يهابونه لأنهم يعرفون أنه يمكنه أخذ حقه، على عكس السابق، وطبعا بالمتابعة يمكننا تجنب فكرة أن يكون هو المعتدي
تعليم الأطفال كيفية الدفاع عن أنفسهم بشكل إيجابي ومنع الاستغلال قد يكون له تأثير إيجابي كبير على تطويرهم الشخصي والاجتماعي. و هو أحد الأساليب التي يمكن من خلالها بناء شخصيات قوية ومسؤولة
مواصلة دعم ابنك وتعزيز مهاراته في التعامل مع المشكلات بشكل بناء سيساعده في النمو وتحقيق النجاح في حياته
العنف مرفوض جملة و تفصيلا. من الممكن تجنب مخاوفك من عدم تمييز الأطفال بين المواقف المختلفة عبر التوجيه والتعليم الجيد. يمكن للمعلمة أن تساعد الأطفال على فهم متى يكون العنف غير مقبول وكيفية التعامل بشكل أفضل مع مشاكلهم وانفعالاتهم.
كان لدي تحفظ في البداية من طريقة المعلمة، و لكنها إلى حد ما مقنعة.
أعتقد أن الأهم ليس هو الرد بالمثل بل هو تعليم الأطفال قيم الاحترام والتصالح وكيفية التعامل مع الصراعات بشكل بناء . و هذا ما يمكن أن يساعد في تطوير شخصياتهم وجعلهم أكثر شجاعة في مواجهة التحديات. إن هذه الروح الحضارية تعزز التفاهم وتقوي العلاقات بين الأطفال في المدرسة.
مواصلة تشجيع أبنائك على الاحترام والشجاعة في التعبير عن أنفسهم بطريقة مناسبة هي خطوة إيجابية نحو تطويرهم كأشخاص مسؤولين
بالطبع تزرع فيه أولًا مبدأ أن من ضربك اضربه، ولكن المعرفة النظرية وحدها لا تنفع، لابد أن تدرب عضلاته على القتال، وبالأخص أن تبني الذاكرة العضلية في عضلاته عن طريق الكثير من التدريبات، مما يؤدي به إلى أن يتعامل بالقتال بشكل لاإرادي حينما يتعرض لخطر.
لذلك عليك بزرع فيه مبدأ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه، وتدربه على هذا في نادي للقتال يعلمه المهارات القتالية اولا بأول.
تدريب الأطفال على الدفاع عن أنفسهم وتعزيز قدراتهم البدنية والنفسية هو مفهوم مهم. و يجب أن يتم ذلك بشكل مناسب للمواقف التي تتطلب الدفاع عن أنفسهم. لأن ذلك يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على تطويرهم الشخصي وسلامتهم
و لكن، من المهم أن تتم هذه العملية بعناية وبشكل مناسب، وعلى الدائرة العائلية والتدريب الرياضي أن يعملا معاً لضمان تحقيق قيمة الاعتدال، و التربية الراقية و تعليمهم كيفية استخدام مهاراتهم بطريقة مسؤولة وتجنب إساءة استخدامها.
لست أفضل من يتحدث في هذا الموضوع حيث أنني لم أعش تجربة أن أكون أباً حتى الآن لكن ذلك السؤال يراودني في كل حين، وعليه فإنه من رأيي المتواضع أن الولد لا بد أن يكون قوياً بدنياً ونفسياً قبل أن نصدره للتعامل مع المجتمع الذي قد لا يرحم في كثير من الأحيان. يمكن انجاز ذلك من خلال عدة أمور، قد نختلف أو نتفق فيها:
أولها وأهمها لا بد لولدي أن يكون واعياً كفاية بمفهوم الدفاع ومتى يكون هناك داعي لاستخدام القوة أو لين الجانب، يمكننا ذلك من خلال محاولتنا التقرب لأبنائنا على مدار الوقت.
أجد أيضاً من الضروري تدريب الأبناء بدنياً واكسابهم مهارات الدفاع عن النفس في وقت مبكر قبل الوقوع في مشاكل محتملة مع الآخرين. وذلك يكون بالاضافة إلى تعزيز الثقة بالنفس التي تشكل جانب مهم في شخصية الولد.
لذلك يبقى السؤال هل مبدأ اضرب من ضربك صحيحاً أصلاً؟
من وجهة نظري أنه صحيح إلى حد ما إذا تجاوز الشخص الآخر حدوده بشكل مفرط، أما دون ذلك فأرى أن يكون ولدي واثقاً من نفسه ليعفو عنه ولدي من مبدأ القوة لا الضعف والهوان.
جدير بالذكر أن نجعل عملية تعليم ثقافة الدفاع عن النفس ممتعة ومفهومة لولدك.
تعامل مع هذا الموضوع بحساسية واحترام وتركز على تطوير مهاراته واستقلاليته في الحفاظ على سلامته
يبدو أنك تضع توازنًا هامًا بين تعزيز القوة والثقة بالنفس لدى الأطفال وفهم السياقات التي تستدعي استخدام القوة بطريقة مسؤولة.
تعزيز الوعي والثقافة حول مفهوم الدفاع عن النفس بشكل موجه ومتوازن يمكن أن يساعد الأطفال على اتخاذ قرارات مناسبة عندما يواجهون مواقف تحتاج إلى تدخل. وبالطبع، تعزيز الثقة بالنفس وتعليم مهارات الدفاع عن النفس تسهم في تجهيز الأطفال لمواجهة التحديات في المجتمع بطريقة إيجابية.
من الجيد أن تشجع على جعل عملية التعلم ممتعة ومفهومة للأطفال، وذلك لضمان فهمهم الصحيح للمفاهيم والقيم التي تسعى لنقلها إليهم.
أعتقد أنّ هذا المبدأ الذي نشأنا هو مبدأ خاطئ بالكامل ( إضرب من ضربك) فهو بحسب خبراء علم النفس التربوي مبدأ غير تربوي أبدًا إذ أنّه لا يحل أي مشكلة بين الطرفين المتنارعين بل يفاقمها. لا أعرف لما لم يعلّمنا أهلنا حاور من ضربك أو ناقش من ضربك أو فاوض من ضربك، لما علينا أن نحل العنف بالعنف ؟ لا أعرف أبدًا. فالبدئل لهذه الاستراتيجيات العنيفة هي بالفعل أن نعوّد أبنائنا على حل المشكلة بأسلوب آخر مثلا: سؤال الآخر لما فعل ذلك ثم إخباره أنّ ما فعلة خاطئ وفي حال كان هناك تشبث باستخدام العنف يمكن حينها استشارة المعلّمة التي تعلم الأطفال على استراتيجات فرديّة لحل مشاكل العنف بحيث يكونوا مسؤلين بأنفسهم عن حل المشكلة بدل الاعتماد على الآخر.
التعليقات