نحتاج اليوم لأن نصدق أننا بصدد وباء عالمي خطير سيفتح المجال لفيروسات جديدة لتجرب حظها الحيوي مع البشرية المغامرة !
إن أول منفذ للاتصال بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" هو الرئتان، كما قد يستهدف الكلى أيضا.
فالعلامات الأكثر شيوعا التي قد تشير إلى الإصابة بفيروس كورونا هي مشاكل في التنفس، حيث قد يصبح "البشر" عضويا مساحة عدويّة مفتوحة للمارسات الفيروسية!.
يبدو "الوباء" بمثابة لحظة ترجمة فارقة في سردية "الجسد المريض" المعاصر بوصفه نموذجا مهمّشا للاستشكال الأساسي "من؟" الذي أخذ يشتغل منذ "العصورو الوسطى..حتى القرون الحديثة "حول إشكالية الموت بسبب مجهول إلى الموت الجماعي ثم الطاعون وصولا لتأسيس علم الأمراض.
وتماما مثل الإنفلونزا، تعد الفيروسات التاجية -التي ينتمي لها فيروس كوفيد-19- من أمراض الجهاز التنفسي ويمكن أن تنتشر عندما يسعل المريض المصاب أو يعطس، ويرش قطرات سائلة صغيرة من أنفه أو فمه، التي قد تحتوي على الفيروس.
وشيئا فشيئا يكتشف الخبراء حول الفيروس أن السلوك النمطي للفيروس ينتهج الهجوم المتخصص الفعال، الذي يبدو أنه يهاجم مجموعتين محددتين من الخلايا في الرئتين وهو مايتطلب جهد مناعي رهيب.
المرض إذن يغيّر من دلالته حسب طبيعته والأهم حسب ماهية ما يصيبه! ما الفرق بين أن يمرض إنسان، وأن يمرض حيوان أو نبات ما؟ أم إنّ المرض اختراع أخلاقي خاص "بنا"، نحن الممضين عرضاً تحت النوع البشري؟ إلى أيّ مدى يمكننا الادعاء بأنّ الإنسان وحده يمرض رغم كون الحيوان والنبات وحتى البكتيريا والفيروسات تمرض !.
يتمثّل معنى المرض بوصفه حالة تمسّ هويتنا، ومن ثمّ فتصنيف "حالة" ما بأنّها "مرض" هو فعل اجتماعي أملته ثقافة تحمل تصوّرا مخصوصا عن مفهوم "الصحة"، وليس توصيفا بيولوجيا محايدا يدفعني أن أدعوا لتأسيس علم يدرس سلوك الكائنات الدقيقة.
مالم نفهم أن الفيروسات والبكتيريا كائنات تقاسمنا العالم الحيوي ويجب أن نحترم سلوكها ونهتم لخصوصياتها وسبب وجودها، فإن قناعاتي أن بعض الفيروسات قد تكون مريضة بنا لا نحن مرضى بها!.