وربما أكتب كتابا (لا لن أتزوج)، عن الوصول من المستوى واحد إلى مستوى صفر، مرورا بالمستويات أو المخططات 9، 8، 7، 6، 5، 4، 3، 2، 1.
ولكن إلى حين تحقيق ذلك، نكتفي بذكر المستوى الرباعي الخاص بي أنا.
وقبله نمهد بالحديث عن أربعة أشكال تسويقية أو تنظيمية عهدناها، واستخدمت كاستراتيجيات رباعية لتحقيق أهداف محددة جدا، بالنسبة للمختصين، هناك زعم وشبه اتفاق أنها حققت وتحقق نتائج مجربة.
1-مخطط تحديد الأولويات
أو مصفوفة إيزنهاور الشهيرة من أربعة مربعات وعمودين حسب الأكثر أهمية أو الأكثر عجالة، مناسبة جدا لتوزيع مهام سريعة، ولكن تالفة بالنسبة إلى المهام المتعددة أو المعقدة أو المتساوية في الأهمية والإلحاح.
2-التحليل الرباعي سوات (SWOT)
ترمز كلمة SWOT إلى أختصار لكلمات (strengths , weaknesses, opportunities, threats)، وهم الأربع نقاط الذين يتم تحليلهم في المصفوفة وينقسموا إلى عوامل داخلية وهم (نقاط القوة - نقاط الضعف)، وعوامل خارجية (الفرص - التهديدات).
3-مصفوفة بوسطن
الواقع هناك عدد من المصفوفات ليس هذا المجال لذكرها أو التعرض لها -مثل مصفوفة أنسوف وغيرها- ولكن مصفوفة بوسطن واحدة من أكثرها فعالية، حيث تركز على قيمة المنتج نفسه، والعائد المالي من ورائه، فتوزع المنتجات إلى أربع فئات على التوالي هي: النجوم، والأبقار، والاستفهامات، والكلاب. ودعنا من التسمية حاليا.
4-المزيج التسويقي الرباعي (4ps)
استراتيجية تسويقية تحيط العميل بأربعة جوانب، إذا حدث التمام فيهما كانت الغاية بانعكاس ذلك إيجابا على المبيعات؛ العناصر الأربعة الأساسية هي: المنتج والسعر والمكان (أو المنصة التي تبيع عليها)، والترويج. البعض يضيف الأشخاص / العملاء أو العاملين ويحولها إلى مزيج خماسي، بل وهناك مزيج سباعي أيضا، ولكن ما علينا من ذلك.
أما بالنسبة لمخططي الرباعي، الذي يحاول أن يستفيد من هذه المخططات أيضا، فهو قائم على استراتيجية تخدم هدف واحد: دفع العميل إلى أقصى قدراته الشرائية.
وهذا معناه تحويل العميل من مشتري إلى مستهلك، من خلال تعزيز النزعة الاستهلاكية الموجودة داخل كل الناس، وفرز من يصلح لبذر هذه البذور عن من لا يصلح. وهذا قد يكون أخلاقي جدا في مجال مثل الكتب، لأني أدفعه لشراء المنتج الوحيد، الذي لا زلت أؤمن، أنه لو زاد عن حده، ليس بالضرورة أن ينقلب ضده (فخير جليس في الزمان كتاب).
ولكن ليس فقط اللعب على حاجة العميل إلى المنتج، بل على ما قد يبذله العميل من أجل الحصول على المنتج (خاصة في مجال التحف والنوادر)، أنا هنا لاحظت سياق معين، لا أسير عليه وحدي، يتجاهل تماما الطرق التقليدية لدفع العميل إلى شراء منتج، فكما هو معروف، من ناحية السعر مثلا (سنركز حاليا على السعر لأنه يمثل القيمة الحقيقية المبذولة من أجل شراء منتج ما أو توفيره)، نجد أن قطبي التسويق تعادل أو تأخذ أحد طرفين؛ إما سعر مرتفع يعكس القيمة الكبيرة للمنتج (أو ما يتم التسويق له بأنه منتج راقي أو نادر). هذا ما يعرف باقتصاد الندرة واقتصاد الوفرة، وعليه تبنى استراتيجيات مثل الإتجاه البديل.
هناك طرائق عديدة لتصدير المنتج على أنه منتج راقي أو نادر (وقد يكون كذلك بالفعل)، من ذلك المزادات، والدفع مقدما، والرصيد المفتوح، والعرض الفني للمنتج (التركيز على جودة التصوير، أو تصميم إعلانات بصرية إبداعية).
سوف نستعين بمصفوفة بوسطن، لتطبيقها على نشاطاتي ومشاريعي المختلفة في بيع الكتب، ولنقل أن هناك فئة المنتجات ألف (A) أو النجوم، وهي المنتجات الأكثر خطورة، وتحتاج إلى نفس طويل في التمويل والاستثمار. التطبيق العملي لهذه الفئة عبر مشروعنا متمثل في فئة النوادر.
ثم فئة المنتجات باء (B)، أو البقرات النقدية (البقرة الحلوب).
وهي الأصليات، أي الكتب الأصلية، فئة من الكتب مستقرة وآمنة وعليها طلب متواصل ولا تحتاج إلى كثير استثمار.
والفئة ث أو ج (C) حسب الدارج عربيا، تعبر عن فئة من المنتجات قد تكون أقل طلبا، أو أكثر مخاطرة حيث أن سوقها غير مستقر، المصوّرات نموذج جيد جدا للتعبير عن هذا النشاط المجرّم في معظم القوانين المصرية والمحلية والدولية، حيث يعاد طباعة الكتب (تزويرها) بدون وجه حق، وإعادة نشر وبيعها وتوزيعها بل والتسويق لها، ثم فالتربح، الكثير من الأرباح في الواقع. ولكن في أي لحظة يعرض المطبعجي نفسه لغرامات مالية فادحة أو إغلاق مطبعته من قبل شرطة المصنفات.
الفئة د (D) أو الكلاب، هي المنتجات التي يلزم التخلص منها، أو تطويرها، بالنسبة لي أرى أن ربائد (أو مشروع الكتب الرقمية ممتاز للتعبير عنها)، فهو لا يعتمد أصلا على غاية ربحية مبدأيا، واشتراكه إن وُجد يكون بسيط جدا ورمزي (دولار واحد في الشهر)، كما أنه يسهل خلطه مع السياقات التجارية الأخرى للاستفادة منه.
ما علينا، القصد، أن هذه المصفوفة، تعطيك رؤية أوسع نحو تطوير منتجاتك في كل حقل، لكي تجعل لنفسك الأفضلية دائما، مثلا أنا في فئة النوادر، قادر تقريبا على توفير أي كتاب مهما ندر. في فئة الربائد، أحاول توسيع مكتبتي الرقمية لتشمل كل الكتب تقريبا من خلال التواصل مع الناشرين والمؤلفين، أو الحصول على النسخ المسروقة والمتاحة على الشبكة، أو تصويرها بنفسي لو ليس عليها حقوق ملكية لرفعها وإتاحتها للجميع على الشبكة. في أصليات أحاول ومن خلال مركز تكلفة خامس، أن أوفق بين توفير كل الكتب التي موجودة في المكتبات ودور النشر والمعارض، بنفس أسعارها (أو زيادة عشرة في المائة للحفاظ على قدرتي في جمعها، مع التركيز على المركز السادس أيضا والتقاطع معه)، وبين القدرة على توفير الكتاب مخفضا (دولار واحد سعر موحد للكتاب الواحد). وأخيرا مصورات، أي طباعة الكتاب حسب الطلب، وأنا أيضا أتيح لنفسي طباعة ثلاث نسخ سنويا من كتب مختارة دون السفور مثل مطابع تحت السلم التي تعيد طبع أعمال أحمد مراد والأعلى مبيعا بالألف نسخة في المرة.
ولكن ليس هذا ما أركز عليه في الواقع، أو ليس لوحده، بل أركز على العميل.
يقولون أن العميل دائما على حق، لا، هناك عميل ليس على حق، ذلك العميل قليل الذوق الذي يتهمك بالنصب والاحتيال لأنك فقط طلبت منه الدفع مقدما، مع أنك لم تأخذ منه أي أموال؟. في محاضرة له أوضح إيهاب مسلم استشاري الأعمال أن العميل على حق إلا في ثلاث حالات
1-إذا كان غرضه الإضرار بنفسه
2-إذا كان غرضه الإضرار بشخص ما
3-إذا كان غرضه الإضرار بك وبنشاطك التجاري
يعني لا ضرر ولا ضرار، في النقطة الأخيرة يقول ضاربا مثلا: إذا دخل عميل في محل، وتأكد لك أنه يحاول سرقتك، لن يصبح عميل، بل مجرد لص.
كما إني لا أقدم خصومات، ولا تخفيضات، ولا هدايا، ولا شحن مجاني، ولا أقبل بأي مرتجعات، إلخ، في العادة لا أقدم أي من ذلك، لأني في العادة، إما أقدم خدمة مجانية أصلا، أو مخفضة جدا، أو منتج غالي لا يمكن المساومة فيه، أو منتج على حسب الطلب (يعني لا أعرضه على العميل، بل هو من يطلبه بعد أو قبل اطلاعه على الأسعار).
بالنسبة لي، أنا العميل، يظل عميلا ما دام يدفع، تقول لي هناك شيء اسمه العميل المحتمل، أقول لك من عيني، أنا ممكن أضيع ساعات مع عميل وأجيب عن كل استفساراته (واحد قالي أنت نصاب ورغاي، مع إني لم أكن أطلب منه سوى أن يأتي ويستلم ويدفع عند الاستلام).
غرضي في المقام الأول، أن يدفع العميل، أن أبيع الكتب. وبصراحة لا أتفق مع النموذج التسويقي الشهير حول ألا تقدم نفسك كبائع، بل اعمل كأنك مهتم بمصلحة العميل، أنا كذلك بالفعل، أنا أحب الكتب،، وأنفق أموالا طائلة لشرائها واقتنائها، وأتعامل مع العميل بالمثل. كما إن أهدافي غير ربحية بما إني تخليت عن مسؤولياتي الأسرية منذ زمن، وأنا غير متزوج ولا عندي أطفال، يعني بطولي. وأعمل من باب الشغف، وتحقيق مرادي. يعني باختصار، أنا مش مهتم العميل يشتري أو ما يشتري. أنا مهتم بتكبير نشاطي أو ليمت نشاطي، لا يهم. على قولة أحد مدربي التنمية البشرية: افشل كثيرا، افشل سريعا، كما جاء في عنوان كتابه.
وهذا هو الغرض من التجارة كلها، فلا داع للف والدوران. أنا أعامل العميل بكل احترام، ولكن لم أعد أقبل إلا أن يعاملني بالمثل، خاصة وإني أقدم علامة تجارية متعالية، بمعنى أنها لا تطمع في أمواله، هي توفر المقتنيات الثمينة للمقتدر على الشراء، وتوفر كتب مخفضة لغير المقتدر (حيث أقوم بتخصيص معظم أرباحي في شراء كتاب بأضعاف ثمنه، لكي أوفرها بسعر 50 ج). ممكن بسهولة أشتري كتاب نادر بمئات أو آلاف الجنيهات، من أجل أن أرضي عميلي، ولا زلت معروف في السوق بصفقاتي المجنونة. في الواقع، التجار يتعمدون أن لا يروجوا لي (برغم وعودهم الزائفة بفعل ذلك) حتى أصبح موردا أساسيا لهم، وأنا كذلك بالفعل، فلم أمنع أي كتب لي، إلا عن الذي لا يعاملني باحترام، أو يشهر بي وبتجارتي، أو يتعمد الإضرار بي بطرق عديدة وأن يكبدني خسائر بالمكائد أو المنافسة الكيدية (ولكن هيهات).
لذا، برنامجي الرباعي استقر على أربعة جهات هي التي تحرك أي نشاط تجاري
إثنين في صفك
1-العميل: الذي يدفع المال (وليس العميل الذي فقط لا يدفع، وإنما يطالبك بأن تلبي خدماته وإلا يشهر بك وكأنه كاسر عيني)
2-المورد: الذي يوفر البضاعة، وأنا أحول الموردين إلى عملاء أو إلى مسوقين، رغم ما في ذلك من خطورة تعرض استراتيجياتك السرية عرضة للانكشاف والتسريب، أو تضييق الحلقة والخناق عليك.
وإثنين ضدك (في الواقع اعتبر الجميع ضد علامتي التجارية عدا العميل)
3-المنافسين: يمكن الاستيلاء على عملائهم، ويمكن تحويلهم إلى عاملين، وإلى عملاء. عاملين، بمعنى كل خطوة ينفذها، تتيح لك دراسة السوق، وتحليل المنافسين تطوير طرائقه المبتكرة، وجعلها ملكك أنت.
4-العاملين: المنافسين يسرقون منك العملاء، والعاملين يسرقون منك الأموال. لذا أعمل على تحويل العاملين إلى موردين، أو أعمل على أتمتة المهام، أو التعاقد مع شركات كبرى يمكنها عمل كل شيء وبأقل الأسعار، أو تحويل إحدى الشركات إلى منافس لتحليل طريقة عمله وعمل مثلها (مثلا في فترة من الفترات كنت أتعامل مع شركة شحن، ثم قمت بإنشاء شركة شحن قضت الغرض، وزادت من تربحي، نفس الأمر مع مطبعة، أو شركة حسابات، إلخ). يعني تخلي الشركات تدير عملك، إما أن تديره بكفاءه، وإما أن تتعلم منهم كيف تنشئ شركات أو مشاريع تخدمك على نشاطك الرئيسي. نقطة أخرى، إذا اضطررت للاستعانة بأحد، حوّله إلى شريك يعمل لديك أو معك، أو إذا اضطررت للاكتفاء بموظفين، إما أن تصنع كل شيء بنفسك، أو احرص على تنقيح وفلترة الكفاءات لأبعد مدى. أحيانا أطلب أيضا خدمات مجانية من عملاء لديهم خبرات جرافيكية، قانونية، تسويقية، وغير ذلك. بالنسبة للتسويق، يمكنك هنا تقديم عروض إلى من يسوق لك. العملاء قاعدة تسويقية كبرى.
لن أطيل أكثر ولنا جزء تال
التعليقات