من أكثر المواقف التي شعرت فيها بمزيج من التعاطف والحزن أثناء قرائتي للروايات هو موقف نفيسة في رواية "ريح الجنوب" للكاتب الجزائري عبد الحميد بن هدوڨة. فبعد أن صارحت والدها برغبتها في التعليم و طموحاتها المتجاوزة لحدود قريتها، قُوبِلت بالقمع و التزويج قاصرة راغمِة بعذر العيش الكريم والحفاظ على مستقبل وشرف العائلة! لاشك أن هذا ما عاشه جيله وورثه عمن قبله، فكان جيل التغيير الذي عقب الاستدمار يملك الطموح لكنه مكبل بتقاليد الثقافة القديمة، و بات جليّا هنا فرق الأجيال بين عقلية عايشت الاستعمار وعقلية طموحة بعد الاستقلال، اذا ما نظرنا اليوم لكثير من المناطق فهي لاتزال تتبنّى نفس العقلية التقليدية، ليس من ناحية تعليم المرأة أو زواجها فقط بل في مختلف الأمور، مما يجعل مهمة التغيير والطموح الواعد صعبة عند تصارع الأجيال، ومن ذلك ما عاناه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الذي عاصر تغييرا نوعيا في سياسة حكم بني أمية، فُكُبِّلت طموحاته في محو التمييز والحكم العادل وإعادة الشورى وجذب ثقة الرعايا وتوسيع نشر العلم بسبب عقلية الجيل السابق القائم على الامتيازات لصالح الخليفة والولاة، فانتهى حكمه بعد عامين فقط حقّق فيهما ما لم تحققه أجيال قبله. رغم عِلمنا بهذا فهناك من يرى هذا الأسلوب مُحافظا على ثقافة الأجيال السابقة ومانعا لتاريخها من الاندثار، إلاّ أن التطرف في الحفاظ على الأسلوب القديم قد يقتل الطموح الواعد.
فكيف نوازن بين العقلية المحافظة وعدم كبح طموح التغيير؟
التعليقات