لما قرأت رواية (الإنسان الأول) لألبرت كاموس لا أعرف لماذا تعاطفت معه قليلاً! هل كان يعتذر عن عبثتيه أو عن مذهبه الفلسفي؟! لا أدري ولكن هذا ما احسسته. فمن عنوان الرواية نجد أنه هو الإنسان الأول في حياته بالضبط كآدم أبو البشر. كان عليه أن يكتشف بنفسه ولنفسه الأخلاق والقيم والعالم من حوله. فهو فقد أباه في الحرب وهو في عامه الأول وكانت أمه نصف صماء وكذلك خاله فلم يتكلما إلا لماما وجدته كنت تتولى إدارة شئون البيت.
يقول كاموس عن ديديه صديقه الفرنسي المنشأ الذي كان يزور الجزائر أحياناً: كان ديديه يعرف سيرة أجداده وأجدادهم وأيضاً سيرة أحد أسلافه الذي كان بحاراً في معركة الطرف الأغر. كان هذا التاريخ الطويل الحي في خياله يمده بالقوة وبتعاليم للسلوك اليومي أيضاً. جدي كان يقول أن.... بابا كان يريد أن.....) هنا أكاد أشتم أن الرجل يعتذر بظروف تنشئته العبثية وكأنها هي التي قولبته وقولبة عقله.
غير أننا في الطرف الآخر نجد (حي بن يقظان) – رواية ابن طفيل - وقد نمى في جزيرة نائية مع القرود والغزلان وقد ربته غزالة. فشب واكتشف بنفسه ولنفسه واكتشف العالم والقيم والأخلاق والمعنى وما يصح وما لا يصح. إذن البيئة هنا ليس كما ترون ليس لها علينا سلطان. وإنما السلطان هو العقل المحض. حتى أن رجلا راح يتعبد في تلك الجزيرة فأذهله معرفة حي بن يقظان بالوجود الضروري للعلة الأولى في الوجود.
سؤالي لكم: كيف نعرف المعنى والقيم والحق والصواب: هل بالتربية والبيئة أم بالعقل المحض والتأمل؟ هل نتعاطف مع كاموس في رؤيته للحياة ونعتذر عنه بأنه الإنسان الأول في حياته أم لا عذر وأن العقل يكفي كما في رواية حي بن يقظان؟
التعليقات