عنوان الكتاب: حي بن يقظان

الكاتب: أول من كتبه هو ابن سينا لكن ابن طفيل أعاد صياغته و هو أشهر من التصق الكتاب باسمه

المجال: رواية فلسفية

عدد الصفحات: 56

أجل، في 56 صفحة فقط يقدم لنا ابن طفيل تحفة لا مثيل لها.

حي بن يقظان طفل عاش بجزيرة لا إنسي فيها و ربته ظبية. يكبر و في كل مرحلة عمرية يتأمل شيئا بعينه. فها هو يقارن بينه و بين باقي الحيوانات، ها هو يشرح أمه الظبية عندما ماتت ليكتشف سبب موتها (تحدثت عن ذلك في مساهمة سابقة)، ها هو يكتشف النار، يبني لنفسه منزلا، يصنع أدوات لصيد الحيوان، يروض بعضها الآخر. ها هو يحدد صفات الجسمية من كثرة و حركة . . إلخ، ها هو يحول رؤياه إلى السماء ليتفكر في الأجرام السماوية، يبحث عن أصل الكون و من أين جاء. يبحث بالمنطق لوحده حتى يتيقن في الأخير أن للوجود علة لا علة لها: الله. فيهتدي دون رسل و لوحده للخالق.

ثم يكتشف ذاته التي تميزه عن الجماد، النبات و حتى الحيوان. ثم يرغب في التقرب من الله، و هنا يذكر لنا ابن طفيل بذكاء الصوفية، تلك التي طبقها حي بن يقظان للوصول إلى الله. فهو يزهد في كل حاجياته الإنسانية و يقضي وقته يتشبه بالأجرام السماوية و يقترب من الله و أخيرا يتحقق مراده. فها هو ذا ابن طفيل يطلعنا على ما رآه حي في قربه ذاك معترفا بنفسه أنه لا سبيل لوصف ذلك وصفا دقيقا لأنه من ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر.

بالجزيرة المجاورة، يعيش أناس وصلت إليهم الرسل و هدتهم للإسلام. و من بينهم شاب أراد العزلة ليتمكن من عبادة الله فقط، فيسافر للجزيرة التي بها حي ظانا أن ما من بشر هناك. و بعد أيام يلتقيان، يتعلم حي على يد الشاب لغة البشر ذلك أنه لم يكن يعرفها. و يسمع ما وصلت به الرسل فإذا به يتطابق مع اكتشفه بنفسه. يسافر مع الشاب لقرية هذا الأخير الأصلية حتى يهدي أناساها لمعرفة الله حق معرفة، لكنه يفشل في ذلك فيتركهم و يعود مع الشاب لجزيرته الأم حيث يقضيان حياتهما في التعبد.

إنها رواية فلسفية عميقة جدا، أعجبتني للغاية و أنصح بشدة بقراءتها.

هل تعتقد حقا أن الإنسان يستطيع أن يصل وحده للخالق؟ إذا لماذا أرسلت الرسل؟