عنوان الكتاب: حي بن يقظان
الكاتب: ابن طفيل
النوع: رواية فلسفية
عدد الصفحات: 56
عن الكتاب: حي بن يقظان هو طفل عاش بجزيرة لا إنسان فيها و إنما فيها حيوانات و قد تبنته ظبية حتى بلغ سبع سنوات، ثم بعد ذلك بدأت رحلته لاكتشاف ذاته و الكون في إطار روائي فلسفي.
لكن أكثر جزء أثارني في القصة هو عندما ماتت الظبية التي تبنت حي فلم يصدق في بادئ الأمر و حاول معالجتها و البحث عن الآفة التي حلت بها، فشرحها إلى أن وصل إلى القلب و هذا ما وجد:
و جرد القلب فرآه مصمتا من كل جهةفنظر هل يرى فيه آفة ظاهرة فلم ير فيه شيئا. فشَدَّ عليه يده فتبين له أن فيه تجويفا فقال: لعل مطلوبي الأقصى إنما هو في داخل هذا العضو و أنا حتى الآن لم أصل إليه.
فشقَّ عليه فألفى فيه تجويفين اثنين؛ أحدهما من الجهة اليمنى و الآخر من الجهة اليسرى، و الذي من الجهة اليمنى مملوء بِعَلَق منعقد، و الذي من الجهة اليسرى خالٍ لا شيء فيه، فقال: لن يعدو مطلبي أن يكون مسكنه أحد هذين البيتين.
ثم قال: أما هذا البيت الأيمن فلا أرى فيه إلا هذا الدم المنعقد.
و لا شك أنه لم ينعقد حتى صار الجسد كله إلى هذه الحال-إذ كان قد شاهد الدماء متى سالت و خرجت انعقدت و جمُدت و لم يكن هذا إلا دما كسائر الدماء-و أنا أرى أن هذا الدم موجود في سائر الأعضاء لا يختص به عضو دون آخر، و أنا ليس مطلوبي شيئا بهذه الصفة إنما مطلوبي الشيء الذي يختص به هذا الموضع الذي أجدني لا أستغني عنه طرفة عين و إليه كان انبعاثي من أول.
و أما هذا الدم فكم مرة جرحتني الوحوش في المحاربة فسال مني كثير منه فما ضرني ذلك و لا أفقدني شيئا من أفعالي، فهذا بيت ليس فيه مطلوبي.
و أما هذا البيت الأيسر فأراه خاليا لا شيء فيه، و ما أرى ذلك لباطل؛ فإني رأيت كل عضو من الأعضاء إنما لفعل يختص به، فكيف يكون هذا البيت على ما شاهدت من شَرَفِه باطلا؟ ما أرى إلا أن مطلوبي كان فيه. فارتحل عنه و أخلاه.
و عند ذلك طرأ على هذا الجسد من العطلة ما طرأ ففقد الإدراك و عدم الحراك.
ثم في موضع آخر، و بعد اكتشاف حي للنار شرح جسد حيوان حي، و ذهب إلى نفس الموضع الأول أي التجويف الأيسر من القلب، و هذا ما وجد:
فعمد إلى بعض الوحوش و استوثق منه كتافا و شقَّه على الصفة التي شق بها الظبية حتى وصل إلى القلب.
فقصد أولا إلى الجهة اليسرى منه و شقها، فرأى ذلك الفراغ مملوءا بهواء بخاري يشبه الضباب الأبيض، فأدخل إصبعه فيه فوجده من الحرارة في حد كاد يحرقه، و مات ذلك الحيوان على الفور.
فصحَّ عنده أن ذلك البخار الحار هو الذي كان يحرك هذا الحيوان و أن في كل شخص من أشخاص الحياونات مثل ذلك و متى انفصل عن الحيوان مات.
ما رأيك؟ ما هو ذلك الهواء البخاري؟ فليشرح لي أحد.
التعليقات