أحلام اليقظة. لطالما أثارت الجدل بين الفلاسفة والكتّاب وعلماء النفس. بينما يراها البعض وسيلة للإبداع والتخطيط ومصدرا للإلهام والابتكار مثل جول فيرن في رواياته مثل "عشرون ألف فرسخ تحت البحر"، استخدم خياله لإبداع عوالم وأفكار لم تكن مألوفة في عصره. من الأمثلة المناسبة لهذه النظرة تخيل توماس إديسون وجود مصباح كهربائي يُنير العالم، كان ذلك في البداية أشبه بحلم يقظة، لكنه تحول إلى اختراع غيّر البشرية. وكذلك الأمر مع الجوالات والطائرات.. كانت كلها أحلام يقظة.

لكن يرى البعض هذه الرؤية مثالية، إذ أن أحلام اليقظة قد لا تؤدي دائمًا إلى إنتاجية ملموسة، خاصة إذا لم تُترجم إلى أفعال. نتحدث هنا عن علماء النفس مثل سيغموند فرويد الذين رأوا أن أحلام اليقظة تعبير عن رغبات مكبوتة أو وسيلة مؤقتة للهروب من التحديات الواقعية. ومن الكتاب الذين وافقوا هذه النظرة فرانز كافكا في روايته "المسخ" حيث تُظهر كيف يمكن للخيالات والأحلام أن تكون ملاذًا للأفراد الهاربين من صراعاتهم اليومية. مثل شخص يواجه تحديات مهنية صعبة قد يلجأ إلى أحلام اليقظة، مثل تخيل نفسه في مهنة مختلفة كليًا، دون اتخاذ خطوات حقيقية لتحقيق هذا التغيير.

أما نظرتي الشخصية فقد توافق بعض الكتّاب المعاصرين، مثل إليف شافاق في "قواعد العشق الأربعون"، حيث يرون أن أحلام اليقظة ليست سلبية أو إيجابية بحد ذاتها، بل تعتمد على كيفية استخدامها. يمكن أن تكون أحلام اليقظة وسيلة لإيجاد حلول للمشكلات أو للتفكر في الخطوات المستقبلية، شرط ألا تُصبح بديلًا دائمًا للواقع.

رغم أن تحقيق التوازن يتطلب وعيًا ومهارات تنظيمية قد لا يمتلكها الجميع.. لكنها أنسب نظرة يمكن أن أتبناها بالنسبة إليّ.