نزّل الله تعالى الكتاب بالحق والهدى والبينات , وكل آية من كتاب الله تعالى تحمل نصيبا مقدرا من الحق والبينات والهدى ,يتمم الحق والبينات والهدى في بقية الآيات الكريمة , ويتكامل معها في نسيج واحد معجز على مستوى الحرف والكلمة والآية الكريمة والسورة ومجموع السور , نسيج واحد معجز من جميع جهاته وأبعاده الظاهرة والباطنة , نسيج واحد له وجوه متعددة كلها حق وبينات وهدى , وله أبعاد متعددة كلها حق وبينات وهدى , وله أعماق متعددة غائرة فلقت الزمان والمكان ونفذت واستقرت في عالمها الطاهر الأبدي , حيث لا يدركها ولايحيط بها انسٌ ولا جانٌ ولا ملك مقرب .
نسيج واحد لا يمكن فصمه أو شقه في حقيقته حيث هو الأبدي السرمدي , وما يفعله أصحاب الأهواء من أمثال أشباه العلماء أو الحكام عندما يأخذون بعضه ويكتمون بعضه , إنما يقطعون الطريق على انفسهم ومن يتبعهم , فلا يستطيعون فهم القرآن الكريم , ولا يستطيعون نفاذا إلى بعض أعماقه , ولا يمكنهم الدخول إلى رحابه العطرة المونقه, فلا تتزكى انفسهم ولا تطهر قلوبهم ولا تسمو أرواحهم بروح القرآن الكريم وتطوف بها فتنال شرف القربى من روح القرآن الكريم , عندئذٍ ماذا يكون مصير أمثال هؤلاء ؟
من لم يتزكى بآيات الله تعالى وكلماته الحاكمة المهيمنة على الوجود كله ,فما الذي يزكيه بعد ذلك ؟
وما الذي يمكن أن يهديه , ونور الدنيا والآخرة بين يديه فلم يرفع به رأساً ؟
إن آيات الكتاب الحكيم نسيج واحد متسامي ومتكامل , وكتمان بعضها يعنى تشّوه كل مسائل العقيدة والشعائر والسلوك في تصور الناس وضمائرهم ,
إن العلماء والحكام هم انفع الناس للناس إن صلحوا واتقوا وآمنوا , وهم أضر الناس للناس إن هم فسدوا وتركوا كتاب الله تعالى أو بعضه وراء ظهورهم . فصلاح الناس بصلاحهم وفساد الناس بفسادهم , ولذلك كان هذا الجزاء المفزع الرهيب لهم يوم القيامة وعلى رؤوس الأشهاد . وإذا كان هذا جزاء من كتم بعض آيات الله تعالى , وهو لم يجحدها ولا ينكرها أصلا , فكيف الحال بمن جحد بعض آيات الكتاب
أم كيف الحال بمن أعرض عن حكم الله تعالى في الكتاب , فلم يحكم بما انزل الله تعالى فيه من الحق والهدى والبينات , ثم حكّم الأهواء وأراء العلماء واجتهاداتهم , وجعل من أقوالهم حجة في دين الله تعالى , يوالون ويعادون عليها , أو الذين اتخذوا دساتير وقوانين وضعية يحكمون بها في عباد الله تعالى , ونبذوا شريعة احكم الحاكمين , إلى شريعة اجهل الجاهلين , واحمق الأحمقين , وأضل الضالين ؟!
كيف يكون حال هؤلاء يوم القيامة ؟... وكيف يكون جزائهم ؟ ............ نسأل الله تعالى العفو والعافية