لقد لاحظنا أن شعراء التجديد قد أضافوا تجربة جديدة إلى الشعر العربي، ألا وهي التجديد على مستوى الشكل والبنية في القصيدة، بحجة أن الشعر العربي القديم عند عنترة بن شداد وغيره من الشعراء لم يعبر عن قضايا المجتمع، لهذا سعت هذه الطائفة الى حمل لواء النهوض بالشعر ليعبر عن قضايا إنسانية جمة،

لكنني تسائلت، ماهي تلك القضايا التي ضحى من أجلها هؤلاء الشعراء في سبيل القصيدة التقليدية القديمة ؟ وبقيت أبحث عن هذه القضايا، فوجدت أن شعراء التجديد بالفعل قد حملوا على عاتقهم مهمة التعبير عن قضايا الإنسانية في أشعارهم، والتي من بينها قضية الغربة التي عاشها معظم الشعراء، لقد صار شعرهم يحتفي بالتعبير عن معاناة الشاعر في بلاد أخرى غير بلاده لتمتزج أحاسيسه ومعاناته مع أبيات القصيدة، كما وجدت أن شعراء التجديد قد عبروا عن قضايا أخرى ولعل من بينها قضية التحرر في ظل الاحتلال والنكبات، ويمكن استحضار قضية فلسطين في هذا الصدد، لقد أصبحت قصائد هؤلاء الشعراء سجلا للتعبير عن القضية الفلسطينية التي عاش على اثرها الشعب الفلسطيني في ظل المعاناة والألم،

ولعل هذه هي أهم الأسباب التي جعلت شعراء التجديد يرفضون القديم ويتطلعون إلى شعر معاصر، ربما سنفهم مباشرة من كلمة معاصر أن رغبتهم كانت تتمثل أساسا في أن تصبح القصائد مواكبة لقضايا العصر الحديث، 

لكن، لو افترضنا أن شعراء التجديد رفضوا القديم لأنه لم يعبر عن قضايا إنسانية، هذا وارد ولكن ما علاقتهم بشكل القصيدة ذات نظام الشطرين التي صارت عبارة عن أسطر شعرية ما علاقتهم بوحدة القافية التي صارت متعددة وغير موحدة؟

في الحقيقة ما رأيكم بهذا التغيير الذي طرأ على كافة مستويات القصيدة ؟

كان من المحتمل أن يطرأ التغيير فقط على المضمون دون تغيير شكل القصيدة ووزنها،

لقد سمعت مؤخرا ما قد جاء على لسان بعض الأدباء الذين دعموا التجديد واعتبروه حركة مميزة واكبت قضايا اجتماعية جمة، قالوا بأن هؤلاء الشعراء قد غيروا نظام القصيدة وشكلها أيضا لأن البحر الشعري والقافية يقفان عائقا في طريقه لأن مضمونه بالكل تختلجه أحاسيس الشاعر، لقد كانت تلك القافية الموحدة تقف عائقا أمامه ليستمر في التعبير ثم يقف على قافية متعددة في كل بيت،

ما رأيكم أنتم هل بالفعل عبر الشعر الحر عن قضايا

الإنسانية ؟