أعتقد أن الكتابة المباشرة ليست بذلك السوء، وأنها أحيانا تكون أصعب من الكتابة الأدبية.
0
مع الأسف، لن يستغني المرء عن الحفظ. المعرفة تراكمُ معلومات، وحين تغيب هذه المعلومات تغيب المعرفة. نعم، بعض الناس -حين تتوفر له المعلومة- أقدر على التحليل والتركيب من بعض، ولكن في جميع الأحوال لا بد من المعلومة الخام. وجودُ المعلومات في شريحة إلكترونية لا يغني شيئا عن أستاذ يلقي محاضرة فيسأله طالب سؤالا ما؛ ليست لدى الأستاذ رفاهية أن يفتح الجهاز ويدخل محرك بحث ويختار الكلمات المفتاحية المناسبة ويطلع على المصادر... إلخ. بالفعل، لم يعد الحفظ كل شيء كما في
أنا معك في الاستغراب من "حالة السيولة" هذه؛ إذ يتفاجأ المرء بغزارة إنتاج كتاب مبتدئين ومغمورين. ولكن أعتقد أن الذي يحتاجه الكاتب لكي يكون غزير الإنتاج ليس فترة زمنية معينة، وإنما هي التجربة والخبرة، وليس الناس سواء في ذلك؛ فالخبرة والنضج اللتان يكتسبهما كاتب في سنتين قد لا يحوزهما كاتب آخر في عشرة أعوام!
مرحبًا.. أنا أيضا أتعلم اللغة الفرنسية. وزيادةً على النواحي التي ذكرها الأصدقاء، لاحظتُ أن أهم نشاطٍ في عملية تعلم اللغة هو الممارسة؛ لأنها تعمل على تقوية أمرين أساسيين: 1- الحفظ: فالعبارات والجمل التي تُجهد نفسك على تركيبها واستدعائها تعلَق بذاكرتك لمدًى أبعد. 2-الملَكة: فالحديث المستمر والتواصل باللغة ينقل العبارات والجمل من مجرد معلومات إلى "طاقة" يمكن استعمالها بطريقة تلقائية وغير واعية.
صحيحٌ أن الموسيقى قطعت أشواطا بعيدةً عن الشعر، ولكن الشعر لا يزال حاضرا. وحتى في الموسيقى نفسها نجد الشعر. ربما المشكلةُ أن الشعر لم يُواكبْ تطلعات الجمهور، مِن ناحية أن القراءة لم تعد فعلاً شائعا أصلا، ومِن ناحيةِ أن الشعراء لا ينزلون لمستوى الجمهور. أتفق معك في النقطة الأخيرة، كل شخص شاعرٌ بمعنىً ما.
ما الجنون؟، الجنون مخالفةُ السائدِ عند الناس،والسائد ليس عقلانياً دائماً، وعلى حدِّ تعبير نزار قباني: «ذروة العقل يا حبيبي جنون» ، لو وصفتِ أبا نواسٍ -مثلا- بالجنون كردِّ فعلٍ على أعمالِه الأدبيَّة لَاطْمأنَّ لهذا الوصف وأحبَّه. ثمَّ إننا نُناقشُ الشعرَ مِن حيث أدبيتُه؛ أي محدِّداتُ الحسن فيه، أما مضمونه والرسالةُ التي يريد توصيلها فذلك شيءٌ آخر.
أعترف أن الشاعر يبالغ في هذه المقالة -والمبالغة جزءٌ مِن محاولاتِ الطرافة-، ولكن نظريته صحيحةٌ نسبيا؛ نعم، يختلف كل واحدٍ مِن شعراء الجاهلية الآخر، ولكن بدل أن يبكوا كلهم على الأطلال، ويختلفوا فقط في نوع البكاء، لمَ لا يبكي كلُّ واحدٍ منهم على شيءٍ آخر، أو لا يبكي أصلا!. ماذا لو بدأ أحدهم قصيدتَه بِــالضحك على الأطلال؟
أعتقد أن الواقعيةَ هنا تتعلقُ بالتسلسل الذي تأخذه القصةُ منذ البداية؛ والقصة بأكملها هي التي تحدد إمكانية النهاية السعيدة أولا. ولكن إذا تحدثنا عن هذه السمة العامة، وهي تقبُّل الناس واطمئنانهم إلى النهايات التعيسة، فإني أستحضر قول الكاتب الأرجنتيني (بورخيس) حين قال: إن إحدى مبائس عصرنا أننا لم نعد قادرين على صنع السعادة؛ فبمجرد أن يبدأ كاتب في سرد قصة فإن الجمهور كله سيتنبأ بنهاية حزينة!.