أعانك الله، لكن استمرارك في هذا النمط المرهق دون وقت للراحة أو التوازن بين العمل والحياة يدل بوضوح على أن هذه الوظيفة، مهما كانت أهميتها، لا تصلح لأن تكون خيارًا طويل الأمد، فالوظيفة التي تستهلكك حتى آخر دقيقة من يومك دون أن تترك لك مساحة للعيش، ليست بيئة صحية تُبنى عليها حياة مستقرة أو مستقبل دائم، ونصيحتي لك أعد النظر في أولوياتك، فالحياة لا تُختصر في العمل، وراحتك النفسية والجسدية هي رأس مالك الحقيقي.
0
ممارسة الرياضة، لكنني أفشل دائما في الالتزام بها وأتوقف بسرعة. لا بأس فالمهم أنك مستمر في المحاولة، وهذا بحد ذاته علامة على العزيمة ويستحق التقدير، بالنسبة لي فحتى ألتزم بالرياضة أُحاول أن أدمجها في يومي بشكل خفيف وسلس، دون أن أثقل على نفسي أو أحملها ما لا تطيق، وأحيانًا أكتفي بالقليل، لكنه يمنحني شعورًا بالإنجاز، فليس المطلوب أن نكون في أفضل حال طوال الوقت، بل أن نستمر مهما كانت الخطوات بسيطة.
جربت ذلك بالفعل، ووقتها كنت أظن أنني أُقدِم على خطوة ذكية لأعيد ترتيب نفسي وأتنفس قليلًا، لكن بصراحة لا أنصح بها للجميع لأنني عندما عدت وجدت أنني خسرت عددًا من العملاء، وتراجع نشاطي بشكل ملحوظ، واستغرق الأمر وقتًا وجهدًا مضاعفًا لأستعيد ما فقدته، صحيح أن الراحة مهمة، لكن يبدو أن في بعض المراحل المهنية، التوقف التام قد يكون رفاهية مكلفة جدًا.
هذا النوع من الإحباط بالنسبة لي ينتهي دائمًا بالحديث مع أمي أو إخواني، فهم قادرون على إخراجي من أي حالة شك أو إحباط بسهولة، ولم يحدث أن استمر ذلك طويلاً بفضل الله ثم بفضلهم، لكن في حال حدوث ذلك مع غيري وبالطبع إذا استمر لفترة، أنصح دائمًا بالمتابعة مع مختص، لأن التعب النفسي يجب ألا يُترك بلا معالجة، والأمر قد يتطلب مساعدة خارجية لتخطيه.
ولماذا لا تقول له ببساطة: يا حبيبي هناك أمور يجب أن نعرفها لأنها تهمنا، وهناك أمور لا يصح أن نتدخل فيها لأنها تخص غيرنا، وإذا ركز كل واحدٍ منا في شؤونه وساعد حين يُطلب منه، سنعيش جميعًا براحة وسلام؟ الأطفال أذكى مما نظن، لكنهم يحتاجون إلى التوضيح من خلال المواقف اليومية وبأسلوب بسيط، ولسنا بحاجة لشرح الفرق بين الفضول المحمود والتطفل غير المحمود بمصطلحات معقدة، بل يكفي أن نعلمه بالمثال والتكرار أن هناك فرقًا بين حب المعرفة والتدخل فيما لا
هذا بالفعل كان يحدث معي، وكان أبي دائمًا ينصحني به عندما أستذكر دروسي، فكان يقول لي: اقرئي جزءًا كبيرًا من المنهج وتفهمينه جيدًا، ثم انتظري يومًا أو يومين فقط، وأعيدي قراءته مرة أخرى، وستندهشين من الفرق، وفعلاً كنت ألاحظ أن المعلومات تترسخ في ذهني أكثر، وأفهم تفاصيل لم أنتبه لها في المرة الأولى، كأن العقل يحتاج مراجعة هادئة بعد الهضم الأولي، وكأن القراءة الثانية تجعل كل شيء أوضح وأسهل.
القبول بتعديلات لا تنتهي لإرضاء العملاء، ظنًّا أن هذا "احترافية"، بينما هو استنزاف خفيّ. المشكلة أن معظم المبتدئين يواجهون صعوبة كبيرة في إيجاد العملاء وسط زحمة المنافسة، فيكون أول عميل بالنسبة لهم كأنه كنز لا يقدر بثمن، فيوافقون على كل طلباته، وينفذون تعديلاته بلا حدود، وأحيانًا يعيدون تقديم الخدمة مجانًا مرة واثنتين على أمل كسبه كعميل دائم، لكن المشكلة الكبرى أن بعض العملاء للأسف يستغلون هذا الحماس والخوف من الخسارة، فيتحول المشروع من شراكة إلى حالة استنزاف تحت شعار الاحترافية.
ربما لن أنتقم بما لا يرضي الله، لكن بالطبع لن أصمت وأكتفي، إن كان هناك دليل واضح على ما حدث، فسأسلك الطرق القانونية دون تردد، أما إن لم يكن هناك دليل فربما ألجأ إلى حلول أخرى، كأن أجعل أحد كبار العائلة أو شخصًا موثوقًا يتدخل لإيجاد حل منصف، المهم أنني لن أتنازل عن حقي بسهولة ولن أسمح بأن يُفهم سكوتي ضعفًا، بل هو صبر وحكمة حتى يحين وقت الرد المناسب.
وما هي هذه الحقوق التي نزعم أننا نحرم منها بسبب التكليف؟ إن كان المقصود بها ما يتعارض مع أمر الله، فهل تُعد حقًا أصلًا؟ أليس من التناقض أن نطلب طاعة الله، ثم نتحسر على ما نهانا عنه وكأنه حق مسلوب؟ الحقيقة أن التكليف لا يسلب الحقوق، بل ينظمها ويهذبها، ويمنحنا بذلك كرامة أعظم من أي متعة عابرة أو رغبة شخصية، فالجمال في أن نختار الطاعة عن قناعة لا أن نراها قيدًا نتحمله.
وما الذي يدرينا أن اختياراتنا هذه هي فعلاً الأفضل أو الأصلح؟ نحن في كثير من الأحيان نختار بناء على فهمنا المحدود، ورؤيتنا اللحظية، التي قد تتغير بعد أسبوع، الحياة مليئة بالمفاجآت، وأحيانًا نكتشف أن الخيار الذي ظنناه ذهبًا، لم يكن سوى لامعة مزيفة، ففكرة أن نكتب روايتنا بأنفسنا جميلة ورومانسية، لكن الواقع غالبًا يكتب فصوله بطريقته، ونحن نعدل ونراجع ونُقلم، وفي النهاية نرضى.
الجهل يفعل أكثر من ذلك بكثير، فهو لا يضيع البصر فقط، بل قد يضيع العمر بأكمله، كثير من الآباء لا يتصرفون بقسوة لأنهم أشرار بطبعهم، بل لأنهم لم يتعلموا كيف يعبرون عن خوفهم وقلقهم إلا بالصراخ أو الضرب، ولو كان لديهم شيء من الوعي أو التوجيه، لربما تصرفوا بطريقة مختلفة تمامًا، مثال على ذلك جارتي التي كانت تضع في أذن طفلها زيتًا ساخنًا كلما اشتكى من الألم، ظنا منها أنه علاج شعبي فعال، حتى تسبب ذلك في حرق غشاء طبلة
صحيح أن كل شيء في عصرنا بات أسهل من ذي قبل، لكن في المقابل أصبحت المنافسة شديدة للغاية، فالتحدي لم يعد في (كيف أبدأ) بل في (كيف أتميّز وسط هذا الكم الهائل من الناس الذين بدأوا) في الماضي، كان القليل فقط يمتلك المعلومة أو الوسيلة، فكان أي جهد يُرى ويقدر، أما اليوم، فالجميع تقريبًا يمتلك الأدوات ذاتها، وأصبح المطلوب هو التميز الحقيقي والإبداع المستمر، وذلك ليس بالأمر الهين أبدًا.
بصراحة لو كنت مكان المراقِبة، كنت بالتأكيد سأتخذ إجراء قانونيًا ولن أتنازل عن حقي أبدًا، لأن السكوت عن مثل هذا التصرف يعطي رسالة خاطئة ويشجع على تكراره، سمعت أن المراقبة تنازلت بعد اعتذار أولياء الأمور، لا أعلم مدى صحة ذلك، لكن بصراحة نحن فعلاً في زمن صار فيه بعض أولياء الأمور بحاجة إلى تربية قبل أبنائهم، لأن دورهم أصبح بدل أن يكون داعمًا للانضباط عامل ضغط لتشجيع الغش وتبريره. لي زميلة للمراقبة في لجنة للثانوية الصناعية (بنين)، وما إن دخلت
الجهل يفعل أكثر من ذلك بكثير، فهو لا يضيع البصر فقط، بل قد يضيع العمر بأكمله، كثير من الآباء لا يتصرفون بقسوة لأنهم أشرار بطبعهم، بل لأنهم لم يتعلموا كيف يعبرون عن خوفهم وقلقهم إلا بالصراخ أو الضرب، ولو كان لديهم شيء من الوعي أو التوجيه، لربما تصرفوا بطريقة مختلفة تمامًا، مثال على ذلك جارتي التي كانت تضع في أذن طفلها زيتًا ساخنًا كلما اشتكى من الألم، ظنا منها أنه علاج شعبي فعال، حتى تسبب ذلك في حرق غشاء طبلة
لكن ربما الخطأ الذي قمت به كان يمكن تفاديه بنصيحة واحدة فقط! لا أقول إننا يجب أن نعيش على تجارب الآخرين بالكامل، لكن قليل من الاستماع لا يضر، خصوصًا إن كان سيوفر علينا وقتًا ووجع قلب، صحيح أن الخسارات تعلمنا، لكنها ليست الطريق الوحيد للفهم، فأحيانًا كلمة من شخص سبقنا بخطوة كفيلة أن تُجنبنا حفرة كبيرة، فالتعلم من التجربة جميل، لكن الأجمل أن نُحسن الاختيار بين أن نتعلم بالتجربة أو بالتجربة مع بعض الحكمة.
ذكرتني بصديقة مبتدئة كانت تقول نفس الشيء بحماس كبير، إلى أن صادفها عميل ظلّ يطلب تعديلات على مشروع واحد لمدة تزيد عن أسبوعين! من وقتها، بدأت تؤمن بأن للتعديلات حدًا معقولًا، وأن من حق المستقل أيضًا أن يحافظ على وقته وجهده، صحيح أن رضا العميل مهم، لكن لا يعني ذلك أن نظل نركض في دائرة لا تنتهي، فالتوازن هو سر الاستمرارية والسعادة في العمل الحر.
نصيحة ممتازة، خاصة أنه سيكون قريبًا من مجاله ويعزز خبرته الأساسية بشكل مدروس، وبرأيي الأهم هو عدم التشتت بتعلم مهارات لا تمتّ للمجال الأصلي بصلة، فلا يُعقل مثلًا أن يكون المرء كاتبًا ثم يقرر فجأة تعلم إصلاح الأجهزة الكهربائية، فالتوسع جميل ومفيد، لكن يجب أن يكون بوعي واتساق، حتى نطور أنفسنا دون أن نشتت جهودنا أو نضيع هدفنا.
جميل جدًا أن نرضى بقضاء الله ونؤمن أن رزقنا لن يأخذه غيرنا، لكن بعد الرضا ماذا نفعل إذا خُدعنا من أقرب الأقربين إلينا؟ لا يمكن أن نكتفي بالرضا ونُسدل الستار، الرضا لا يعني السكوت عن الأذى، ولا أن نمشي في الحياة مغمضي الأعين، علينا أن نسعى ونحمي أنفسنا، ونحسن الاختيار، فالثقة لا تُمنح بلا وعي، والحياة تحتاج قلبًا راضيًا نعم لكن أيضًا عقلًا يفرق بين من يستحق ومن لا يستحق.
فكيف يمكننا أن نتصرف إذا جاءت الخديعة من أقرب الناس إلينا؟ في هذه الحالة فهم لم يعودوا من الأقرب، فلنتصرف معهم كما لو أنهم غرباء ولكن بأدب، فلا داعي للمواجهة القاسية ولا للتمسك بوهم القرب، فمن خذلنا أو خدعنا سقط من مكانه في القلب، وانتهت المعاملة الخاصة التي كانت له، نُبقي الاحترام نعم لكن دون أن نسمح لهم بعبور حدودنا من جديد يعني باختصار أهلًا وسهلًا من بعيد لبعيد، وفي الحالة التي ذكرتها لا داعي للسلام لأنها خيانة أمانة لا
صراحة كنت لا أحب روايات الخيال التي أشعر أنها تتحدث عن أشياء ليس لها وجود، وكنت أظنها بعيدة عن الواقع أكثر من اللازم، لكن بعد قراءتي لرواية أرض زيكولا على وجه الخصوص تغير هذا تمامًا، فقد جذبتني تفاصيلها وأسلوبها لدرجة أنني عشت داخل عالمها وكأنني أحد أبطاله، وهذا جعلني أكثر انفتاحًا ورغبة في قراءة المزيد من الروايات والكتب، حتى تلك التي كنت أظن مسبقًا أنها لن تنال إعجابي لأن المفاجآت الجميلة أحيانًا تأتي من حيث لا نتوقع.
عندما أشعر بلحظات من الشك أو الإحباط، أول ما أفعله هو أن أبتعد قليلًا لألتقط أنفاسي، وقد أعد فنجان قهوة أو أخرج للمشي، وكأنني أعطي عقلي استراحة قصيرة ليستعيد نشاطه، وبعد ذلك أعود لأواجه المشكلة بهدوء، وأتعامل معها كأنها لغز يحتاج لبعض التأمل لا أكثر، وغالبًا أكتب كل ما يدور في ذهني على الورق، حتى وإن بدا غير مرتب، فذلك يساعدني على ترتيب الأفكار ورؤية الأمور بوضوح، الشك طبيعي لكن ليس من الطبيعي أن نستسلم له.