المواقف لا تؤلم بل تصنع منا أشخاصا آخرين
عادة ترتبط قلة الحيلة بالضعف، حين تجد نفسك في مشكل كبير، ولاتجد له أي حل.. وفي بعض الأحيان قد تجد نفسك مثيرا للشفقة، ليس للأخرين، بل لذاتك، أنك مثير شفقة لنفسك..
الكثير منا حين يصل لنهاية الصفر مع أحدهم، يعتبره حدثا حزينا لا ينسى، ومؤلما يخرج منه بصعوبة، بين مواقفك المؤلمة، ماذا تختار الغرق في الالم لأجل غير مسمى، أم محاولة النهوض..
موقف لن أنساه، لكن نسيت أصحابه..
في بداية دخولي للجامعة، حذرتني والدتي من الانفتاح، خاصة تعرفني أني اجتماعية ومنفتحة مع الغريبات لأقصى الحدود، قد أكون صداقة مع إحداهن التقيت بها في محطة القطار مثلا، هذا ضايق والدتي دائما، وتخوفت من الجامعة، خاصة أني أنتقل إليها لمدينة أخرى، وأظل طوال اليوم فيها، وحدث ما توقعته هي بالضبط، كل يوم أخبرها عن فتاة جديدة، واسم جديد، حتى عرفت أغلب الفصول والتخصصات، وكانت جماعتي من اشهر الجماعات في الجامعة والتي يعرفها الجميع، تضم مختلف الأعمار وكذلك التخصصات، والأشكال والأشخاص، وأمي ظلت تحذرني، لكني أخبرتها أن الجميع طيب، ما هي إلا مبالغة منها لا أكثر.. مرت الأيام، وسحبت مني هي هاتفي لكي لا ينتشر رقمي وكأنه عزاء لها من تصرفاتي، لكن أخبرتها أنه أمر جيد لدراستي، وكان أصدقائي متفهمين لهذا الأمر، ما إن آتي صباحا، حتى اسمع ما فاتني من مناوشات التي استمرت في الواتس آب، أو الانستغرام، أعود للمنزل ولا اعرف أحاديثهن، ثم صباحا ودواليك..
في إحدى المرات طرأ انقسام في المجموعة بسبب شجار، سرعان ما كبر، ودخلت فيه كل الفتيات، ووجدت أن الأمر حتى وصل للشباب، ومنهن من بدأت تتهم الأخرى بسرقة شخص منها.. وإلى تلك المشاكل، شعرت أني بعيدة كل البعد عن هذا، خاصة أني مجرد مستمعة لا غير، ولم يسبق لي أن حضرت مناوشاتهن الافتراضية في التطبيقات..
لكن في إحدى المرات، تم اتهامي كذلك بنقل الكلام، واستغلال عدم تواصلي بأني أبت الفتنة، ووجدت المتخاصمات قد وجدن فرصة للصلح على حسابي أنا، وفي لحظة ما .. كنت أنا المخطئة، لم أفكر بأنها خيانة، أو أن الأمر مؤلم، أو سأصبح وحيدة، سؤال واحد طن في أذني: مثيرة شفقة، كيف سأخبر أمي وأنا التي دافعت عنهن باستماتة.. والمشكلة أني لم أشعر ولو بذرة حزن لأني فقدت أشخاصا، بل شعرت بالحزن على والدتي، وعلى نفسي كذلك..
انسحبت بهدوء، دون أن أدافع عن نفسي، فيما بعد اكتشفت بسبب صديقة أخرى، ان سبب هذا غيرة مني لأني كنت الأولى التي تصدرت النتائج، واضطرت كلهن لإعادة السنة إلا أنا..
رغم قلة حيلتي، إلا أنها كانت موقف قوة، ولم أحاول التبرير، بل تركتهن، وحين مرت الأيام حاولت كل منهن الرجوع وبدأ الحديث، دون جدوى، بعدها أصبحت لا اذهب للجامعة إلا نادرا، بسبب أني وجدت هدوءا لم أعرفه تلك الأيام، الآن أعرف متى أستعمل اجتماعيتي، حين أحتاج تعارفا يذر علي منفعة، أو يفتح مصلحة، أو انطوائية مع من لا نفع فيه سوى المشاكل، من حسن الحظ أني تعرفت على العمل الحر، الذي عزز وقف كثرة العلاقات.
أطلت كثيرا، شكرا لاهتمامك، وقرائتك هذا القدر كله، الذي أعتبره جزء مني..
ما هو موقفك، لنجعلها جلسة نتحدث فيها عن مكنوناتنا، يمكن أن تختار مجهول، أو تتحدث كما ترغب..
أخبرني عن موقفك الذي شعرت فيه بأنك مثير الشفقة لنفسك؟ كيف تجاوزت هذا الموقف؟ وهل تعتبره درسا؟
التعليقات