سألقي الضوء عبر هذا المقال على بعض الأخطاء التي تحول بينك وبين اختيار كثير من المشترين لك، بل وتؤثر على استمرارية عملائك في التعامل معك. فلا يكفي أن تكسب عميلاً جديداً فقط، بل ينبغي أن تحافظ عليه. من بين تلك الأخطاء المدمرة التي يرتكبها كثير من البائعين في صفحات حساباتهم، وعروض خدماتهم، وآليات تواصلهم:
1) عدم توثيق الحساب:
من الصعوبة بمكان بعدما صار توثيق الحساب أمراً مهماً، أن تحظى بأي عميل إن لم توثق حسابك. حتى لو نجحت مؤقتاً، فلن تستمر مسيرتك طويلاً، لأن التوثيق بات ضرورة لا غنى عنها. فاحرص بادئ ذي بدء على توثيق حسابك قبل الشروع في تقديم الخدمات، حتى تضمن ثقة العملاء بك.
2) عدم وضع صورة شخصية أو احترافية:
بينما يرى البعض أن وضع البائع لصورته الشخصية أمر أساسي لاختياره، يقبل آخرون التعامل مع من لا يضعون صورتهم بشرط الخبرة وجودة الخدمات، وفريق ثالث يمزج في التعامل ما بين كلا الفريقين. ربما أنتمي إلى الفريق الثالث شرط أن تكون هناك صورة للحساب على أقل تقدير (أي ليس حساباً بلا صورة)، رغم أنني أميل إلى التعامل مع شخص يضع صورته الشخصية.
إذا كان بمقدورك رفع صورتك، فسارع إلى ذلك فوراً لتزيد من فرصك في كسب العملاء. فإذا كان هناك مانع قاهر، ضع على الأقل صورة عالية الجودة وذات تأثير بصري قوي، تعبر عن نوعية الخدمات التي تقدمها، وتعكس انطباعاً بالاحترافية.
3) تجنب مناداة المشتري باسمه:
بعض العملاء مثلي يهتمون كثيراً بأسلوب التواصل، إذ يمكنني بكل بساطة أن أختار بائعاً أقل خبرة من آخر فقط لأنه أكثر لباقة. ومن الأشياء التي تدل على فهم البائع لأبسط أساسيات التواصل؛ هي مخاطبة العميل باسمه (الاسم الأول فقط)، لأن البعض ينسخ اسم الحساب كما هو ويضعه في العرض، كمن يخاطبني: «مرحباً أخي نبراس الحديدي!». طبعاً يبقى أفضل ممن يخاطبك دون ذكر اسمك، أو ممن يناديك بصفة المجهول دون اسم يلحق التوصيف (أخي، صديقي، أستاذ، دكتور، بروفيسور).
4) إهمال وضع رابط الخدمة المناسبة:
عروض كثيرة على طلبات سابقة لي وطلبات غيري من العملاء، كانت خالية تماماً من رابط الخدمة المطلوبة. إن هذا الأمر مزعج أكثر مما تتصور؛ لأن المشتري يتضايق من أن تضطره إلى دخول حسابك، ثم البحث عن الخدمة المناسبة ليتواصل معك عبرها، بدلاً من ترك رابطها في عرضك لتسهيل عملية الوصول؛ مما يعطي انطباعاً بعدم حرفيتك، أو بأنك على أقل تقدير لا تود أن تكلف نفسك عناء مساعدة المشتري، فكيف إذن ستساعده في إنجاز طلبه بشكل لائق؟!
5) ارتكاب أخطاء لغوية في العرض، والصفحة الشخصية:
سأحدثك الآن عن معاناتي شبه الدائمة؛ حيث طرحت في مناسبات عدة طلبات أرغب من خلالها في التعامل مع مدقق لغوي، أو مترجم... إلخ. ولك أن تتخيل عشرات العروض المليئة بالأغلاط الإملائية الفادحة، إلى جانب الكوارث اللغوية في صفحة البائع (النبذة، العناوين، وصوف الخدمات)!
لا ضير أبداً من ارتكاب بعض الأخطاء البسيطة، فكلنا بشر نخطئ. لكن شتان بين خطأ بسيط وخطأ فادح، فهناك أغلاط لا يمكن التساهل معها عندما يكون المطلوب كتابة مقال، أو تدقيق نص عربي، أو ترجمة من وإلى العربية.
أمثلة سريعة على أخطاء لغوية في عناوين الخدمات:
(ترجمه، إحترافية، الانجليزية، انجليزى، الى، إلي، تدقيق لغوى، من و إلى).
تصويب: ترجمة (تاء مربوطة) - احترافية (دون همزة تحت الألف) - الإنجليزية (همزة تحت الألف) - إنجليزي (همزة تحت الألف + نقطتان تحت الألف المقصورة لتصبح ياء) - إلى (همزة تحت الألف، وألف مقصورة من دون تنقيط تحتها) - تدقيق لغوي (ياء، لا ألف مقصورة) - من وإلى (واو العطف تلاصق الحرف الذي يليها دوماً، وترك فراغ بينها وبينه يعد خطأ لغوياً).
وعليه، إذا كنتُ أريد شراء خدمة ترجمة من الإنجليزية إلى العربية مثلاً، يكفيني الاطلاع على عنوان خدمة الترجمة لدى البائع، فإذا وجدت خطأين لغويين مثل: ("ترجمه"، "إحترافية")، أو مثل (ترجمة من "الانجليزية" "إلي" العربية)؛ فلن أختار التعامل مع البائع حتماً، لأنني أعلم عندها أنني سأتعب كثيراً في تصحيح الأخطاء بعد استلام الخدمة.
على الدوام، عندما أطلب هذه النوعية من الخدمات أنظر إلى جميع عناوين خدمات البائع بما فيها تلك التي لا علاقة لها بالطلب للتأكد من إتقانه للغة العربية، وأراجع نبذته الشخصية عن نفسه لرؤية ما إذا مكتوبة بلغة عربية سليمة، بالإضافة إلى مراجعتي لوصف الخدمة المطلوبة كاملاً للتأكد من مهارة الصياغة وخلو النص من الأغلاط الفادحة. هذا التصرف ليس مبالغة كما سيظن البعض، بل طريقة أضمن بها إلى حد معقول حصولي على خدمة كتابة أو ترجمة أو تدقيق جيدة.
فاحذر وجود أي أخطاء لغوية كبيرة في اسم حسابك، وفي عرضك، وفي عناوين خدماتك، وفي وصف كل خدمة، وفي نبذتك الشخصية. فإن لم تكترث لهذه النقطة المهمة، فصدقني أنك ستخسر عشرات العملاء دون أن تدري ما السبب.
6) الاختصار الشديد في العرض:
بعض العروض الضعيفة من حيث الإقناع لا تعدو كونها بضع كلمات فحسب، مثل: (تواصل معي، راسلني لمزيد من التفاصيل، بانتظار تواصلك، أنا جاهز، قرأت طلبك وأنا حاضر، مرحباً أستطيع تنفيذ العمل، أنا أكتب وبائع جديد.. إلخ).
إن العرض الذي لا يتعدى بضع كلمات، أو لا يتجاوز سطراً واحداً غير مؤثر مع قسم كبير من العملاء أنا واحد منهم. ربما هناك من أقنع العميل بطلب خدمته رغم قصر عرضه لكن هذا الأمر ليس قاعدة يعوّل عليها، ولا يمكن تطبيقه الجميع.
فاجعل عرضك غنياً بالآتي: (التحية الراقية، اسم العميل الأول، خبراتك ومهاراتك، رابط الخدمة المناسبة، مزايا أو إضافات تحث العميل على اختيارك، خاتمة ودودة، تنسيق مرتب للعبارات والفقرات).
7) الأسلوب الجاف من أول العرض حتى آخره:
بعض الباعة يكتبون عرضاً احترافياً إلى حد مقبول، لكنهم يتواصلون عبره بطريقة آلية خالية من المشاعر، فلا يتركون تحية ولا خاتمة جيدة، ولا يضعون عبارات طيبة تكسر الجليد بينهم وبين المشتري. مثل هذا السلوك قد لا يؤثر على اختيارك من قبل بعض العملاء، لكنه دون شك سيؤثر على اختيارك من طرف فئة أخرى من المشترين الذين يهتمون بالتواصل الإنساني. فاحرص في كل الأوقات على تحية العميل، وترك بضع كلمات ودودة في عرضك، حتى يشعر بالمودة تجاهك فيأسره لطفك قبل احترافيتك.
8) إهمال بعض القواعد السابقة عند تواصل المشتري معك:
يحدث أحياناً أن يختار المشتري شخصاً من بين المتقدمين، فيتواصل معه قبل طلب الخدمة للتأكد من أنه سيحظى بمعاملة طيبة، ويحصل على جودة مناسبة. هنا يهمل الكثيرون - بحكم تجربتي الشخصية الغنية بالمواقف المخيبة للآمال – أهم قواعد التواصل الإنساني وبديهياته.
كم من المحبط بعد الجهد المبذول في قراءة جميع العروض، ثم اختيار بائع - تراه الأفضل - لتتواصل معه؛ أن تلقى رداً جافاً مختصراً على رسالة ودودة من طرفك، فتقرر الانسحاب قبل الشروع في العمل مع شخص لم تشعر بالأريحية أثناء التواصل معه منذ اللحظة الأولى.
إذا كنتَ تود توضيحاً أكثر تفصيلاً، فدعني أطرح مثالاً افتراضياً:
تواصلتَ مع بائع قبل طلب الخدمة، وقمتَ بالآتي:
1) خاطبته باسمه.
2) ألقيت عليه التحية.
3) سألته عن أحواله أو صحته.
4) تركت في رسالتك كلمات ودودة.
وإذ تُفاجأ برد مقتضب لا يناديك عبره باسمك، ولا يرد التحية، ولا يجيبك حول سؤالك عن حاله ويسألك في المقابل عن أحوالك، أو يتمنى على أقل تقدير أن تكون بأفضل الأحوال؛ وإنما فقط يبين لك استعداده لبدء العمل!
عندما يسألني عميل جديد أو قديم على سبيل المثال: كيف الحال أخ نبراس؟
أجيبه بعد التحية (أحد طرق الرد التي أتبعها): أنا بخير حال أخ (...)، وأرجو أن تكون بأفضل الأحوال. وفي العموم، يستحيل أن أغفل الإجابة عن مثل هذا السؤال إطلاقاً، بل وحتى الإجابة عن أي سؤال مطروح (متى سُئلتُ فإن الإجابة واجبة).
وأخيراً، دعني أختتم بالسؤال التالي: هل هناك استثناءات لكل ما ذكر؟
بالتأكيد ستجد عملاء لا يركزون أثناء اختيارهم للبائع على بعض ما ذكرته، وآخرون لا يعيرون اهتماماً لأي نقطة أوردتها. لكن لماذا لا تحرص على إتقان فن مخاطبة العميل بنجاح، وإعداد صفحتك، وخدماتك، وعروضك بشكل يجذب كافة أطياف العملاء، بمن فيهم من يهتمون بأناقة التواصل، بدرجة تعادل جودة الخدمة المقدمة وربما أكثر؟!
التعليقات