دخلت جامعة دمشق، كلية الأدب الإنجليزي، منذ اللحظة الأولى لم ترق لي، منذ اللحظة الأولى في المحاضرة الأولى، كل شيء كان رتيباً فوق العادة وكل شيء يشعرك بأنّك رقم حقيقي في القاعات، لا أحد ينتبه لك ولما تفهم، الأسئلة شبه ممنوعة، المحاضرة نظرية وكأنّها جلسة قراءة، الطلّاب أعدادهم كبيرة ويسببون التشتت لك كل لحظة، الأعطال التقنية في الصوت، صوت الميكروفونات لا تنتهي، لا يمكنك إيقاف المحاضرة حين تشعر بتعب شديد أو رغبة بدخول الحمام، كل شيء كان مزعجاً.

ولكن كيف تبيّن لي فعلاً أنّ كل شيء كان مزعجاً بحقّ؟ 

بسبب تجربتي الأخرى، التجربة التي عشتها بعد تخرّجي من الجامعة، تجربة الدراسة أونلاين، درست في عدّة مواقع وكليّات، ورش صغيرة وكبيرة ومساقات وتخصصات أيضاً طويلة، أكثر موقع قضيت عليه وقت هو موقع كورسيرا، والحق أقول لكم: نحن نعيش بزمن مُعجِز للحقيقة، زمن يتيح لك كل شيء بكل سهولة، هذا التعليم الافتراضي فتح عيوني على مدى الإزعاج الذي كنت أتعرّض له في الجامعة، على أقل تقدير وأقل سبب: أستطيع أن أدخل حصّتي فوراً بأي لحظة، لا أحتاج لقطع 10 كيلومتر ملتزماً بوقت محدد للقيام بذلك والأهم لا علاقة لي في التعليم الأونلاين بمزاج الدكتور وتفاعله مع الطلاب، فكل شيء مسجّل مسبقاً، وكل شيء رغم ذلك تفاعلي 100%، أخوض محادثات مع الزملاء، أصلّح لهم امتحاناتهم وأتعلّم من أخطائي وأخطائهم.

مرّة كنت أخوض محادثة بهذا الشأن مع صديقي وقال لي أمر لفتني إلى أهمية هذا الشق التعليمي في حياتنا وواجبنا في تطويره وجعله النمط الأساسي في الحياة، حيث قال: لديّ مشكلات تواصل وكنت أعاني جداً من الاندماج، هذا التعليم بهذه الطريقة منحني فرصة تعلّم حقيقية بدون إزعاج!

من هذا كلّه تصبح البيئة الافتراضية المريحة سبباً في أن تكون قادرة على تقديم قيمة معرفية أهم للطالب. وأنت إلى أي الطرفين تنتمي؟ تُفضّل التعلّم ضمن الواقع والجدران الأكاديمية أم افتراضياً ضمن غرفتك؟ ولماذا؟ هل لديك تجارب؟