بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة سأحكي لكم رحلتي… مع هذه القصة التي غيرت حياتي وملأتها شغفاً وحباً.

إن كنت مهتمًا، أو مهتمةً، أو غير ذلك، تابعوا معي… فلربما وجدتم الإلهام بين السطور. 

قبل البدء أعتذر…. لا أجيد التعبير بشكل جيد، لكنني سأحاول على أي حال؛ فكل ما أريده هو إيصال حكايتي.

الشعار القديم للقصة اعتمد عام 2014

منذ طفولتي… لطالما أحببت كتابات أختي واتخذتها قدوتي في الرسم والتأليف؛ فوقتها لم أقابل العديد من الرسامين، ولم انغمس بعالم الإنترنت.

في عام 2007 ظهرت (النور والظلام) كرواية بسيطة خالية من الوصف والمماطلة ، بسيطة بكل المقاييس !، وكانت أول رواية طويلة لأختي (الجوهرة)، لم أقرأها ، كانت تحكيها لي بشكل عشوائي قبل النوم، أو عندما ترسم الشخصيات لأراقبها بعناية، وهكذا صارت قصة (النور والظلام في قلب واحد) من أجمل القصص بالنسبة لي، وتعلقت بها بشدة.

لا أتذكر حاليًا شيئاً عن فترة تأليفها، لكن البطلة (كيوشا) تمثل أختي - كما ذكرت في كلماتها الختامية -.

وبعد مضي خمس سنوات لم أعد أفكر فيها كثيراً، لكن ذكراها تأتيني بين الحين والآخر.

وفي عام ٢٠١٢، وفي أحد أيام الخريف أثناء نزهة العائلة للخارج، جلست أنا وأختي على أحد الأرجوحات نتبادل أطراف الحديث، وعادت بنا الذكريات للقصة، كنا نسميها "قصة كيوشا"، ربما حينها لم أعرف حتى اسم القصة الرسمي ، كما لم تتذكره أختي، نتحدث ونضحك على ذكراها.

وفجأة! وبدون تفكير قلت:" إيش رايك أحولها مانغا ؟"،

بدت الفكرة مشوقة، ووافقت أختي بترحاب على تركها في عهدتي، كم كنت متحمسة لأعود إلى المنزل وأبدأ بالرسم حالاً.

رسمة أحد أخواتي لشخصية جيهل عام 2008 و 2018

 في أكتوبر 2012 أنهيت الفصل الأول، قمت برسمه بأدواتي المدرسية، واستعنت بماسح ضوئي، وبرنامج بسيط لكتابة الحوارات، وسرعان ما كونت طرقي الخاصة في تسطير وتظليل الصفحات لتتطور مع الفصول.

لم يكن عملًا سهلًا بالنسبة لمانجا رُسمت يدوياً!، في بدايتي كانت لدي الشجاعة حقاً لبدأ رسمها بينما كنت ضعيفة في رسم عدة أمور، فمثلاً لم أرسم خلفية في حياتي XD، ولم أكن أجيد رسم الرجال، ولا حتى الوضعيات، وبتفكيري أنها مجرد متعة أقضي فيها وقتي تغاضيت عن هذا كله. 

ومع الوقت بدأت أتحسن تدريجياً، لن أقول أن أخذها بجدية قد طورني؛ فهناك من يتطور بشكل أسرع عندما يكون منسجماً بمتعة الرسم وحبه للشخصيات.

وفي هذه المانغا كانت تجربتي الأولى في رسم العديد من الأمور.

بعدما أنهيت الفصل الأول بسرعة بسبب حماسي لانطباع القراء دخلت منتداي المفضل … (مكسات)، ثم قسم الرسم، ثم المانغا، وأخيراً بدأت بتنسيق الموضوع، ورفع الصور على مراكز الرفع، وإرسال دعوات لأصدقائي .

الجمهور كان قليل نعم ، لكن هؤلاء القراء مازلت أتذكرهم اسمًا اسمًا، وبعضهم لا يزالون يتابعون أعمالي حتى الآن، كم أنا محظوظة بهم! 

كنت أرجع من الدوام المدرسي لأفتح اللاب توب قبل تبديل ملابسي، فأجد عدة ردود مشجعة لأستمر، ثم أذهب للموقع الآخر… (كوميكيا)، لم تصلني فيه أية ردود حتى وصلت للفصل الخامس. 

التفاعل لم يحدد مصير عملي؛ لذا استمريت بالنشر فيه حتى النهاية، على أمل لفت انتباه الزوار المهتمين بالقصص العربية .

كنت أرسم في كل مكان وزمان، في البيت، وفي المدرسة، وفي الجامعة ، كنت أحضر حتى لو لم تكن هناك محاضرات؛ لأنني أجد السكينة بعيدًا عن تشتيت النت والجوال، والأطفال وعمل المنزل .

العمل على الصفحات في الجامعة 

كنت أرسم حوالي ١٠ صفحات خلال يوم أحياناً، وبعضها رسمتها وسط زواج عائلي XD، وهذه منهم .

كل ما أردته هو .... مشاركة القصة التي أحبها مع العالم ؛ لذا سعيت إلى تحسينها، فقد كانت الرواية مليئة بالفجوات.

في يوم من الأيام جاءتني إحدى الزميلات في الجامعة، والتي لاحظت انشغالي بالرسم، واعتذاري الدائم عن مشاركة أي نقاش، أو الذهاب للكافتيريا،

قالت لي:" ليش ما تطبعي شغلك وتعطينه دار نشر؟" 

ضحكت حينها، فأين أجد داراً تقبل المانغا؟!، وأضيف على هذا رسمي السيء!،

لم أكن جاهلة وقتها، فبالفعل حاولت تقديم القصة لعدة دور ورفضتها، لكن فكرة زميلتي والتي تدعى (سارة) لم تغب عن بالي.

لاحقاً قررت استخدام مكافأتي الجامعية لفتح متجر إلكتروني، طبعت القليل من النسخ، مع الكثير من الأخطاء، وكنت ألوم المطبعة على هذا، بينما الآن أدرك أن كل الأخطاء مني.

أذكر جيدًا اليوم الذي استلمت فيه العينة الأولى، أحضرها أخي وحاول إخفائها عني والهرب، مع علمه أني سأموت حماسًا لرؤيتها.

العجيب أنني استلمتها في المكان ذاته الذي اقترحنا فيه تحويل الرواية لمانغا!

صورة للنسخة الأولى طبعت عام 2014

اشترى النسخ الأولى عدد لابأس به من محبي القصة، ودعموني بلطفهم، وتواصل معي متجر مخصص للأنمي، وفي عام ٢٠١٤ كانت (النور والظلام) أول مانغا سعودية تباع في المتاجر . 

مرت سنة أو ربما سنتين….، تعبت من التعامل مع المطابع، وخسرت أكثر مما كسبت، ومررت بمشاكل سأستغني عن ذكرها جعلتني لا أرغب بالطباعة الفردية إطلاقاً -وما زلت أمقتها-، فتوقفت بعدما أصدرت عددين صغيرين ، و عددين كبيرين لكل الفصول لأختم القصة في مجلدين فقط .

عددين يحتويان على جميع الفصول صدروا عام ٢٠١٥

في عام ٢٠١٥ انتهت (النور والظلام) أخيراً، لتصبح أول سلسلة مانغا عربية منتهية ولله الحمد، عدد التفاعلات وصل لأكثر من ألف تعليق في موقع (كوميكيا) على الفصل الأخير فقط، بينما كان صفراً قبل سنتين ونصف .

أحببتها من قلبي، والقراء جعلوني أحبها أكثر. 

أوراق كل الفصول الـ 25 

عام ٢٠١٦ ، تعرفت فيه على صديقتي وصاحبة مؤسسة ايرونكس (هند)، اقترحت علي أخذ قصتي لمشروع التخرج، ورحبت بهذه الفكرة.

صدمت أن القصة لا تزال محافظة على شعبيتها!، حتى الآن تصلني ردود أشخاص يقولون بأنها أول عمل عربي قرؤوه كان عملي، ويذكرون عدداً من المواقف التي لا تنسى.

شكرتهم… وأنا أعلم يقيناً أن كلمة (شكراً) لا تكفي لوصف شعوري الجميل حينها .

من وقت العمل على الفصل 19

بعدما عرفت ايرونكس، والرائعة (هند) التي علمتني العديد من الأمور، كأخطائي بالطباعة، وكل شيء.

عدت للعمل على القصة، ليس رسمًا بالطبع، فقط أعدت مسحها ضوئيًا للحفاظ على الجودة. لم أفكر بإعادة الرسم كله؛ لأن الرسم القديم يحمل في طياته جهودي وذكرياتي عند كل خط، سأكذب لو قلت لكم أني سأرسم شيئًا يضاهي إعجابي به حالياً . 

تحسينها أخذ سنوات لتدارك أخطائي، لكنها مرت دون ضغط لثقتي بمن يساندني ويراجع عملي، كوجود شخص خبير في طباعة المانغا بجانبي، ودار تستقبل عملي بترحاب .

ايرونكس كانت أول دار لطباعة المانغا على هيئة مجلدات، كانوا حلمي الذي تمنيته منذ سنوات وتحقق أخيراً، شعرت أني بين عائلتي الفنية، بين أشخاص يفهمون ما أريده، ولا يستنكرون ما أقوم به .

العمل مستمر حتى بدون كهرباء DX

في عام ٢٠١٨ صدر المجلد الأول الرسمي ووصل لمكتبة جرير، أذكر فرحتي عند عائلتي وقتها، كانت ليلة من ليالي رمضان، وهرعت إليهم بحماس يعبر عن فرحتي قائلة:" عملي توفر بجرير!"، ما تلى ذلك كان الكثير من الصراخ والتبريكات XD

ومع الأيام راسلتني زميلتي بالجامعة، نعم هي نفسها (سارة) التي اقترحت علي طباعتها وضحكتُ حينها، قبل أن أدرك أن لا شيء مستحيل.

قالت في رسالتها:" شفت شغلك في جرير!!، وعرفت أنه لك من اسمك ورسوماتك. 

كنتِ دايمًا تتركين أوقات الفطور عشان ترسمين، فرحت مرة لك!."

…. هل أحتاج لأخبركم أني بكيت :")؟

(سارة) لم تكن الوحيدة، أنا ممتنة (للنور والظلام)، ليس لعملي عليها؛ بل لأنها كانت الجسر الذي أوصلني لأروع الأشخاص الذين عرفتهم ولا أود مفارقتهم ما حييت، ما أردته دائماً، هو أن يصبح هذا العمل سبباً ليبدأ أي رسام قصته الخاصة، ولا يفكر مثلي سابقًا، أريد حقا إفادة كل شخص بتجاربي هذه.

ستكون لي أعمال أخرى بإذن الله، لكن لن يصلوا لذكريات هذا العمل وحبي له.

من وقت العمل على الفصل 12+ أحببت تلك المسطرة :"(

غالبا أتناول شيئا لا يوسخ يدي والصفحات مثل حلوى الجلي واللوز

العمل على غلاف الفصل 12

صفحة ظهور شخصيتي المفضلة *^*

العمل على غلاف النسخة المطبوعة الأولى T_T !

خبر نهاية المانغا على أحد المواقع 

بوستر رسم عام ٢٠١٣ بمناسبة مرور سنة على المانغا

رسمة بوستر للذكرى الثانية عام ٢٠١٤ 

أحقاً كانت ١٠ سنوات فقط ؟! 

ومع ذلك عندما أتذكر كل شيء مررت به، أشعر وكأن عمري كله كان فقط في هذه العشرة!

سأعتز بتلك الأيام إلى الأبد، وأنت يا من وصلت إلى هنا، أتمنى أن تجد العمل الذي ستشعر نحوه كما شعرت أنا.

على فكرة، زرت المكان الذي بدأنا خطة صنع المانغا فيه مؤخرًا، والأرجوحة نفسها مازالت في مكانها ، فحرصت على أخذ صورة لها هذه المرة .

صديقتكم : حنان المشيقح