أتى من خلف تلك الأشجار السوداء، هي كذلك وكذلك هو يكون، لقد تعب من يومه والغمام فوقه كثير، إنها على وشك أن تمطر وفي داخله امطرت وجرفت الكثير.

رمى بحجر وركله، رأس نعجة جرح ورجل نملة كسر، طفل شاهده وبيده حمله، فقال له.

يا أيها الأسود لمَ الحجر تؤذي بركله، ولم الآخرين بالألم تشعرهم، أنت هنا تنشر الشر والشر داخلك، أنا طفل بريئ لا أعرف الشر وليس بعد، فلا تثر فيَّ وحشي ودعه ينام يا من تجرّع المياه من الأيام.

رحل الرجل الأسود يقول لنفسه وخلفه لاشيء.

أنا من أكون؟، في داخلي كثير، وفي خارجي قليل، إن الطفل ليس بالطفل، وتلك النعجة في الطريق كانت، وتلك النملة صغيرة كانت، وذلك الحجر في طريقي كان، أأنا في طريق شخص ما؟ أجل أنا الرجل الأسود صاحب الزغب الأبيض في طريق السعادة إلى صدري، وهل صدري هنا يا ترى ؟.

رمى ببصره يتفقّد صدره، فكانت النار هناك كما اعتاد أن تكون، شارة قرمزيّة تنطق كما المرأة المنبوذة.

اسمي الخطيئة التي لا تنطفئ، خطيئة في عيونهم، وحب في عينيّ، ثمرتي من أعلى شجرتي قطفتها، فيها أشواك وأنا حياتي كلّها أضمها، لكنهم يرجمونني وأنا من أرجم؟ هو أم هم أم ساقيّ أم أنت.

ابتسم يردّ ويجيب المرأة.

ارجميني فلا في جسدي حياتي ليجيب، ولا في ذراعي قوّة لأدافع، لكن في رجلي قوّة لأركل، بها ركلت حجرا ورأس نعجة أدميتُ بها، ورجل نملة كسرت، وطفل صغير منّي غضب وحنق.

قامت المرأة على رجليها قدّامه تقول له وهي ترقص وتنثر الريحان وتزيد.

أنظر إلى جمالي وإلى فتنتي، أنظر إلى بهجتي ونظارتي، أنظر إلى بياضي وقوّتي، لا تنظر إلى صدري ولا إلى ساقي، فعلى صدري خطيئتي، وعلى ساقيّ مولودتي، وهنا ألوح وأزيد أرقص ولا اتعب، أنثر الريحان فانظر إليه رمادا على الأرض يكون، هو كذلك وأنت كذلك، لست جميلا وأنت بعيد، عنك وعنك، وعندهم أن لا تزيد ولا تنقص، أنت مختفٍ وأنت خطّاء.

تجرّع خطيئتك التي تحبذها كما تتجرع المياه، هي تعجبك فابتسم وإلى السماء إياك أن تنظر.

هرب يمشي لسنين، وحينما أدرك أرضا لا يأفل عنها القمر كره ماضيه وسكنت النار في صدره، نظر إلى رماده وحمله، هو جميل من لون الذهب مبتلّ بلون القمر، يسأل حامله منشدا.

أنت يا حملي كثرت عليّ..

رميتني بالزنبق والعناكب..

ورميتك بالنار والمصائب..

أنظر إليّ هل تعرف اسمي..

أنا ابنك وأنت والدي..

في صدرك لم أكن يوما وأنت اوجدتني..

أحببتني حينما سعدت..

واحرقتني حينما تعبت..

أنا بالألم أرميك..

وأنت بالحزن ترمي العالم..

انحنى رأسك وهو ينظر نحوي..

فلا ترفعه فهي قد تأتي..

تلك التي غابت والتي لم يعرفها أحد..

لا أنت ولا الطفل ولا المرأة..

أنا صاحبك ولا أحد غيري..

اراد أن يرفع رأسه عاليا..فكان برأسه صدأ وبعقله نخر..سكت ولم يدري ماذا يصنع..

فبكى حتى دونما أن يرفع رأسه.

....................................................................

شكرا لقرائتكم