حمله في يده كأي رضيع عليه المخاط والدماء كثيرة، وضعه في الشمس علّها تجففه كما ستجفف الأيام مآقيه، قال له كلمات مباركة.

أنت يا حبيبي سوف تكبر..

أنت في قلبي سوف تصغر..

وفي عيني عملاقا ستصير وتزيد..

لقد قلقتُ كثيرا حتى حصلت عليك..

أحبني أرجوك حتى لا أحزن..

أنا منافق وأنت كذلك..

أنا جميل وداخلي قبيح..

اكبر يا حبيبي فأنا لا أقدر ولا أريد..

لا عليك ولا على غيرك..

غسله بالماء وكثيرا صبّ عليه..آه عل تلك البرودة التي كانت عليه..أحس بها ثقيلة كالحمّة، وخفيفة كروحه الجديدة.

لمعت الظلال في النور، وخفّت النور في الظل، أمسكه نقيّا من جديد، فإذا به غير موجود، أين أنت يا حبيبي لمَ تخليت عنّي، الآن ذلك الكلب الاسود سيكون رفيقي، وتلك الأشواك أصحابي، وذلك الجرف حبيبي، وأسفله نهايتي.

فرمى بنفسه من الجرف فلم يمت.

جلس ينوح وكثيرا من الدموع أنزل، لماذا يا سماء أنا هنا ولا غيري في المكان ؟ لقد كثرت الأحزان وحبيبي القديم لهفان، إلى فراقي وإلى حزني. أيها الكلب عن النباح كفّ أنا هنا على الأرض أرجوك، وأنتِ يا أشواك عن الألم كفّي فجلدي المثقوب هنا يسقط، على الأرض ويسير مع الماء.

إلى أين أنت أيضا تريد تركي، لمَ تجيدون هذا وأنا هاوٍ في مسرحيّتكم، سوف أنزل عن المصطبة أو أطفأ الأنوار. لكن بينه وبين الأنوار نار، وبينه وبين الأرض نيران، إن الذهاب جحيم، والعودة نعيم، إلى أين أنا ضائع ولا أريد، لا الوقوف ولا النزول ولا التمثيل، لقد كثر الممثلون داخلي وخارجي عارٍ مثل السماء الآن. بلا نجوم هي تكون، وبلا أفراح أنا أحول، مثل الصابون ومثل الكرفس والمعدن.

إيه على كل ذلك وإيه لكل ذلك..أنا الآن قبيح وعلى رأسي البركة، أقول للناس أنا من النور وأنتم ماذا، فيقولون نحن فخاّر ولا نسمع غير صوتنا، ثم أنا جميل وعلى رأسي اللعنات، إنها كالطيب عليه وكالعقرب تحته، يخرج من منخاري فيسير.

إلى أين أنت أيضا ذاهب.

قال، أنا ذاهب مثلما يذهب الجميع، مثلما ذهب قلبك الخديج، مثلما ذهب كل ما تريد، مثلما ذهب عقلك وصرت تراني، ذهب مثلما ذهب جلدك لا يريد، مزيدا من الخط والنقر على الحروف، لقد أوجعتها وأوجعتنا جميعا، نحن هنا نقول لك ارحمنا وارحم نفسك، إن الكثير يصير قليلا، ومنه يلد الكثير...اسمعني ثم انسى، انسى ثم تذكر، وبين هذا وذاك أجدك دائما تجلس وتصير، نوار يطلع ثم يهبط مثل المطر. قلّي لمَ حبّك ثقيل يأتي بك إلى التراب، ولمَ نفاقك خفيف يذهب بك إلى قمم الأشجار.

فنطقت الأشجار وهي التي رأت وتريد، إيه هو كذلك ونحن نراه، يأتي ويروح ومن هو ؟ أهو خفيف كالهواء والملائكة، أم ثقيل كالدنانير، نحن نظلّله وهو يريد حبيبه، نحن نسكت وهو ينوح، لقد غفل عنّا ونحن غفلنا عن المياه تحتنا.

نطقت المياه تقول، ونحن ثقله كبير كما التراب هو علينا، واحببناه فوقنا وقد غفل عنّا، خلفنا وفينا الطرق تكون وعن التراب تلهينا.

فنطق التراب ينشد ويقول.

على وجهي أنت تكون..

وتحتي الكثير يسير ويزيد..

أنا أولادي هم أنا..

وأولادي في قدميك هم هناك..

أعطني أنا وأعطيك حقيقة..

أنت تعطيني أولادي وأنا أقول لك..

كن وزد..

ثم انطفأ ورح..

حينما تكون لا تروح..

وحينما تروح لا تخلّي ريحك..

فوجودك جميل..

وذهابك كما الجميع يقرّح..

الصدور والعقول..

ثم الجميع هنا يأتون..

يقولون هنا في هذه الظلال وفوق هذا التراب..

بكى وفرح وتجمّل وتقبّح..

.........................................................

شكرا لقرائتكم