سؤال : قال الله تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) فلم نر علماء كفار ؟
الجواب :
1- عام يراد به الخاص :
لأن اللفظ برغم كونه عاما فليس بالضرورة يعم جميع العلماء ،
بل يراد منه الخصوص في هذا الموضع فيقصد به العلماء المؤمنين،
مثل ما ذكر الله في كتابه فقال( الذين أوتوا العلم) فلا يقصد بهم العالمون علوم الدنيا بل عِلْم الدين .
2-علماء لكن كافرين :
والدليل أن قارون من العلماء وهو من بني اسرائيل في عهد موسى عليه السلام حيث قال عن نفسه :
( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) ، ( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا) ومع ذلك فهو من المكذبين الكافرين ،
وأمثال قارون من علماء الدنيا وليس الدين يقول الله فيه وفيهم :
(وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) سورة الروم .
3- العلماء بالكتاب والدين :
أما العلماء الذين يعلمون كتاب الله يقول الله فيهم لما رأوا قومهم فتنوا بما لدى قارون من أموال وكنوز وزينة قال تعالى :
(وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ).القصص 80 .
وقال ابراهيم عليه السلام لأبيه آزر (يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ) فمعلوم ان العلم الذي أوتيه ابراهيم هو العلم بالله وبالكتاب وليس علم الفيزياء أو الكيمياء أو نحوها.
وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو أمي لا يعرف الكتابة يقول الله فيه (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ )،
قال ابن الجوزي في زاد المسير : بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ أن قبلتك الكعبة .
4-شرح علماء التفسير معنى" العلماء" في الآية و مَنْ هُمْ ؟،
فيقول الطبري : " العلماء بقدرته على ما يشاء من شيء، وأنه يفعل ما يريد، لأن من علم ذلك أيقن بعقابه على معصيته؛ فخافه ورهبه خشية منه أن يعاقبه ".
وهذا منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما: " إنما يخشى الله من عباده العلماء" قال: الذين علموا أن الله على كل شي قدير.
وفي تفسير القرطبي ، قال مجاهد والشعبي:
إنما العالِم منْ يخشى الله، وإنما في هذه الآية تخصيص الْعُلَماءُ لا للحصر، وهي لفظة تصلح للحصر وتأتي أيضا دونه،
وإنما يعلم ذلك بحسب المعنى الذي جاءت فيه، فإذا قلت إنما الشجاع عنترة، وإذا قلت إنما الله إله واحد،بَانَ لك الفرق فتأمله
وقال ابن كثير : العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتمّ والعِلْم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر.
اذن يجوز الاتيان بلفظ عام لكن يراد به الخاص ويعرف ذلك من سياق الكلام .
5- ومثال آخر : لفظ ( الناس ) قد يراد به جميع الناس أو يقصد به طائفة من الناس .
حيث قال تعالى في سورة الناس (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ،
والناس هنا المقصود جميع الناس والبشر ،
بخلاف قوله تعالى في موضع آخر في سورة آل عمران حيث ذكر قصة موقعة أحد قال الله عز وجل :
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)
ف "الناس" الأولى يقصد به طائفة من الناس كان أبو سفيان سألهم أن يثبِّطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين خرجوا في طلبه بعد منصرفه عن أحد إلى حمراء الأسد.
أما " الناس" الثانية ،فيقصد به طائفة الكفار أبي سفيان وقريش
التعليقات