شاهدتُ مؤخّرًا وثائقي The last dance الذي يتحدّث عن أسطورة كرة السلّة الأمريكي مايكل جوردن، والوثائقي يأخذك في رحلة مُمتعة مع مايكل فتزور معه لحظات مسيرته المفصلية.
الأحداث التي في الوثائقي أكبر من أن تُحصر في موضوع، لكنّ النمط المُسيطر على طوال السلسلة هو عقلية مايكل جوردن الانتصارية.
عقلية مايكل كانت تبحث عن الفوز دائمًًا. وقد راقتني هذه العقلية جدًا، لكنِّي أشرحُ لكم ما لم يُعجبني منها.
مايكل كان يحاول أن يحفّز نفسه على الفوز بأيّ طريقة، وبأيّ أسلوب. الوثائقي ذكر حادثة، أنّه أدعّى يومًا أنّ أحد اللاعبين قال له كلامًا مُهينًا، فقط ليُحفّز نفسه، فيتغلَّب عليه في المباراة المُقبلة.
هذا النمط كان يتكرّر مع مايكل طوال الوثائقي، لم تكن العلاقة بين جوردن ومدير الفريق جيري كراوس على ما يُرام، فعندما يهتمّ مدير الفريق بجلب لاعبٍ معيّن إلى النادي، وتكون لمايكل فُرصة للمواجهة ضدّه، كان يحفّز نفسه ليلعب بأعلى مستوى مُمكن، فقط ليُثبت لمدير النادي، أنّه مُخطئ في قراره.
ستجد دائمًا في الوثائقي أنّ أحد المحلّلين سيقول: وقد فلان كلمة لم يكن يتوجّب عليه قولها، الآن مايكل سيأخذ الأمر بشكل شخصي في الملعب عند المباراة الثانية!
جوردن حقّق أرقامًا كبيرة في مسيرته، وجزء من هذه الأرقام قد يُعزى فضلها لهذه الطريقة التي استخدمها في تحفيز نفسه، لكنَّ السؤال، هل هي طريقة صحيّة فعلًا؟
لا أرى ذلك، جوردن كان يحاول أن يُسكت أصوات في داخله بهذه التصرّفات، لماذا كان يُريد أن يتفوّق على بعض اللاعبين، حتّى لو اضطرّه الموضوع لرسم صور غير حقيقة عنهم؟
أرى أنّ مايكل كان قد ملَّ من المقارنات التي كان الإعلام يُسلّطها هناك، وهو ينصّ على ذلك كثيرًا في الوثائقي، وهذا السأم قد دفعه للتخلّي عن كرّة السلة واحتراف البيسبول لسنتين قبل أن يعود لكرة السلّة مجددًا.
جوردن كان يُسكت أصواتًا تُريد الهرب من لعب كرة السلّة وإعلامها، وهو موهوب بالفطرة، فليس من المنطقي أن يعتزل للملل فقط، فكان لزامًا عليه أن يتشبّث بكل الطرق التي تجعله يلعب.
ولو أصغى لهذه الأصوات لما اعتزل ضرورة، لكنّه لتوصّل لحل أنّ المقارنات، أو الرغبة في اثبات أنّ الآخرين على خطأ دائمًا، هي رغبة ليست أصيلة فيه، إنما هي أمور تُعيقه عن الاستمتاع بالرياضة التي يُحبّها، ومن يدري، لعلّه حقّق من المجد ما هو أكثر!
قد حالف الحظّ جوردن، حتّى لو عانى نفسيًا بعض الشيء، فقد حقّق بفعل موهبته الكثير من المجد والشهرة والمال، لكنّ المُشكلة عندما نحاول أن نُعالج حياتنا من عقلية مايكل جوردن، ونحن لا نملك موهبته للردّ في الملعب، سنعاني من ذات الألم النفسي الذي عانى منه مايكل، من دون الجوائز والأمجاد التي حضي بها في مسيرته.
التعليقات