حلمت البارحة بالفتاة التي فقدت خطيبها منذ عام في الحرب ضد اليهود الملاعين في الليلة قبيل يوم عقدها

رغم أن الفتاة كانت تقف وسط الحشود تزفه لدفنه، إلا أنني لم أسمع إلا صوت صدى وقوع إبرة الخياطة رغم الحشد الكبير..

ويعلو وجهها فناً لا يعرفه إلا أصحابه، وهو بعنوان "ذات فقد" أو " فقد"..

تراقب مراحل زفافه مع إخوته وتشيعيه إلى قبره، بليدٌ وجهها، حمراء عينيها من بكاء ليلة أمس، دمعة تسقط دون جفنيها للإشارة أنها بدنُ لا زال على قيد الحياة، وفيها الحياة!

يدافعها الناس يدًا تلو يد لتأدية واجب العزاء والمواساة.. وهى كالجماد تسير عينيها مع نعش حبيبها

حبيبها.. كانت ليلة أمس تضحك أمامه يعلوها الحياء، ذكرى.. متى صارت ذكرى؟

تغلق عينيها.. وتتخيل.. تلك يمناي، وهاك وجهه.. تضع يديها على خدييه، يبتسم لها، تمسح بأصابعها ببطئ على وجهه، تمرر إصبعًا على رمش عيناه الكثيفه.. تضحك من كثافتهما.. فهو يبدو كالأطفال في ملامح وجهه، ونهايةً تكفن وجهها في حضن صاحبها، فيه المخبأ.

نعيم أخر، تنصت إلى ماشاء الله لها أن تنصت، هاك النعيم والخلد الأبدي، أخذت تنهيدة طويلة مرات متكررة، ودمعة سارية كعلامة اطمئنان وتتمتم فيها

"بارك الله لي، بارك الله لي، اللهم زد وبارك!"

تفتح عينيها، تعود من خيالها -التي طالما تمنته- لأرض الواقع.. تدافع أصوات الحشود إلى أذنيها!

بليدٌ وجهها

أنى البلوغ، كيف المنتهى..